عندما كشفت Epic Games عن محرك Unreal Engine 5، كنا جميعًا منبهرين بالتقنيات التي يُقدمها مثل Nanite و Lumen ودعم الجيل الجديد بأفضل شكل مع تطوير الرسومات ونقلها لتجربة أخرى تمامًا تُحاكي الواقع في بعض الأحيان. لكن الآن عندما يتم الإعلان عن أن لعبةٍ ما ستستخدم محرك UE5، أصبحنا نضع أيدينا على قلوبنا خائفين من أن اللعبة لن تعمل بالشكل السليم وستُعاني من الكثير من المشاكل والأخطاء التقنية. محرك Unreal Engine 5 أصبح يقتل صناعة الألعاب بالكامل بالأخص مع نقل جزء كبير من المطورين ألعابهم على هذا المحرك.. فلماذا أصبح محرك Epic Games بهذا السوء؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا!
تقنيات Unreal Engine 5 ثقيلة على الجيل الحالي
محرك Unreal Engine 5 يُقدم مجموعة من التقنيات الرهيبة التي من المفترض أن تُحسن المستوى الرسومي بالكامل للعبة مثل تقنية Lumen الخاصة بالإضاءة والتي تُقدم أفضل إضاءة تتبع أشعة مع أفضل انعكاسات وأفضل ظلال لتكون أقرب شيء ممكن للواقع. أيضًا لدينا تقنية Nanite في نقل الـ Textures وتفاصيل البيئة بأفضل شكل في اللعبة.
تلك التقنيات على الورق ممتازة ومن المفترض أن ترفع مستوى الرسومات بشكل كبير في الألعاب، لكن المشكلة أن التقنيات المذكورة ثقيلة جدًا على الجيل الحالي من الأجهزة المنزلية PlayStation 5 و Xbox Series X|S. والفكرة هنا أن تلك الأجهزة هي الأساس الذي يتم تطوير الألعاب عليه وبعدها يتم صُقلها على منصة الحاسب الشخصي!
أجهزة الكونسول (مثل PS5) على الورق مواصفاتها متوسطة جدًا بمعالج يُشابه الـ Ryzen 5 3600 مع بطاقة رسومية توازي الـ RTX 2070 وتلك مواصفات لا تستطيع تحمل تقنيات Unreal Engine 5 بكامل قواها على دقة مرتفعة ولذلك نجد أن ألعاب مثل Black Myth: Wukong و STALKER 2: Heart of Chernobyl تعمل بدقة 1080p يتم رفعها بعد ذلك بتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى 2K أو 4K ولذلك بعض الألعاب أصبحت تبدو سيئة من ناحية جودة الصورة!
هل تلك التقنيات فعلاً هي تقنيات جيل جديد؟ نعم بالتأكيد ويوجد فرق واضح في مستوى الرسومات مع تفعيل تقنيات مثل Nanite و Lumen، ولكن حتى الآن لا توجد الأجهزة التي تستطيع تشغيلها وأظن أن الاستفادة من تقنيات محرك Unreal Engine 5 بأفضل شكل ممكن ستكون مع إطلاق الجيل الجديد لأجهزة PlayStation و Xbox بعد عامين أو ثلاثة على أقل تقدير، وبالطبع وقتها سنرى بطاقات RTX جيل الـ 50 أو 60 أيضًا.
____
اقرأ أيضًا: عصر حصريات Xbox انتهى.. فهل هي الخطة الأمثل لمايكروسوفت أم بداية مستقبل مظلم؟
____
المحرك يؤدي لوجود نفس المشاكل مع اختلاف الألعاب
بالتطرق إلى مشاكل المحرك، فتوجد بعض الأمور التي أصبحت متواجدة تقريبًا في كل الألعاب التي تكون مبنية على Unreal Engine 5 من ضمنها:
- مشاكل الـ Shader Compilation والتي أصبحت تُشكل عائقًا على تلك الألعاب، فرغم أن اللعبة تقوم بتجميع التظليل في أول مرة تفتحها فيها، إلا أنها لا تزال تُعاني من مشاكل تقطيع وتعليق عندما تتحرك في أي مكان في البيئة بالأخص عندما تكون لعبة عالم مفتوح بالكامل مثل STALKER 2
- محرك Unreal Engine 5 يستخدم إحدى تقنيات الـ Anti Aliasing TAA (تقنية تنعيم الحواف) بشكل دائم مما يجعل الصورة تبدو أكثر نقاءً وجودةً بدون حواف بها أي نوع من أنواع الارتجاج بالأخص عندما تكون الدقة Native، لكن فجأة الصورة تصبح باهتة جدًا مع ظهور مشاكل في الـ Textures عند استخدام أي تقنية من تقنيات رفع الدقة الخاصة بالذكاء الاصطناعي أمثال Nvidia DLSS و AMD FSR
- وبالطبع المشكلة الأكبر متعلقة بالأداء التقني، فالمحرك ثقيل جدًا على الأجهزة المنزلية الخاصة بالجيل الحالي بالإضافة لمعظم كروت الشاشة الخاصة بالحاسب الشخصي بالأخص وأن معظم اللاعبين يستخدمون كروت متوسطة مثل RTX 3060 و 4060 وفي النهاية لا تستطيع تلك الكروت تشغيل ألعاب مثل Black Myth Wukong و STALKER 2 على 60 إطار في الثانية
لعبة مثل STALKER 2 التي تم تطويرها من قبل مطورين خبراء في الصناعة على محرك من المفترض أن يكون من الأفضل في الصناعة.. تقوم بتجميع التظليل في كل مرة تفتحها فيها وهذا شيء لم أراه سابقًا. أي لعبة من المفترض أن تُجمع التظليل أول مرة تفتحها فيها حتى لا يحدث تقطيع أثناء التنقل في البيئة. STALKER 2 تقوم بتجميع التظليل كل مرة تفتحها فيها ورغم ذلك فلا تزال توجد مشاكل كبيرة وتقطيع أثناء الحركة والتنقل وتلك مشكلة محرك بشكل عام.
تقنية تنعيم الحواف الـ Anti Aliasing TAA والتي يستخدمها محرك Unreal Engine 5 ويفرضها على كل الألعاب التي يتم تطويرها عليه، تجعل كل الألعاب تُعاني من صورة باهتة ودقة غير مرتفعة بالأخص عند تشغيل Nvidia DLSS. وفي بعض الأحيان يظهر هذا البهتان في الصورة بشكل واضح جدًا ليُصبح مؤذي للعين بالتحديد مع حركة الشعر أو الأشجار الكثيفة.
كل تلك المشاكل معروفة منذ أول نسخة من محرك Unreal Engine 5، والآن قد وصلنا إلى النسخة 5.5 ولا تزال نفس المشاكل متواجدة. شركة Epic Games لا تعمل بالجهد الكافي لحل مشاكل المحرك، ولكن المشكلة ليست في شركة Epic Games فقط، بل في مطورين الألعاب أيضًا…
المطورون أصبحوا يستسهلون بتقنيات الذكاء الاصطناعي
خلال جيلي البلايستيشن و 4 كنا نرى المطورين يفعلون كل ما في وسعهم لتطوير الألعاب على تلك الأجهزة الضعيفة تقنيًا وتشغيلها بأفضل شكل ممكن. إذا عُدنا بالزمن لجيل الـ PS3 سنرى لعبة مثل The Last of Us برسوماتها الخارقة تعمل على جهاز ضعيف جدًا، ولعبة مثل Halo 4 كانت تعمل على Xbox 360 برسومات جبارة.
جيل الـ PlayStation 4 هو الآخر شهد إصدار مجموعة كبيرة من الألعاب ذات الرسومات المُبهرة مثل God of War و Red Dead Redemption 2 و Uncharted 4، وكل تلك الألعاب كانت تعمل بدقة 1080p كاملة مع 30 إطار في الثانية ولا تواجه أي مشاكل إطلاقًا على الأجهزة المنزلية.
جيل الـ PlayStation 5 قدم مجموعة من التقنيات الجديدة التي كانت تُستخدم في الحاسب الشخصي وبعد ذلك أصبحت متواجدة على الكونسول مثل رفع الدقة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهنا قرر المطورين الاستسهال في عملية التطوير وأصبحوا لا يهتمون بصقل اللعبة تقنيًا بالشكل الكافي حيث أصبحوا يعتمدون على تقنيات مثل Nvidia DLSS و AMD FSR لتقديم إطارات أعلى وأكثر ثباتًا في ألعابهم مقابلة دقة عرض أقل!
نفس الكلام ينطبق على تقنية مثل الـ Frame Generation من Nvidia والتي من الممكن أن ترفع فريماتك إلى الضعف عبر خلق فريم إضافي بين كل فريمين (بالذكاء الاصطناعي) ليُعيطك إحساس أنك فعلاً تلعب بضعف الفريمات، لكن هذا يؤدي لوجود مشاكل في زمن الاستجابة وتظهر المشكلة بشكل واضح في ألعاب الأكشن السريعة.
كل تلك التقنيات رغم أنها جيدة وتستغل الذكاء الاصطناعي بشكل ممتاز، إلا أنها توضح في نفس الوقت مدى كسل المطورين واعتمادهم على تلك التقنيات بدلاً من صُقل ألعابهم مما يجعل بعض ألعاب الجيل السابق تبدو أفضل رسوميًا وفي نفس الوقت أعلى في الأداء لأن المطورين اهتموا بالقدر الكافي بصقل لعبتهم بأفضل شكل ممكن حتى يضمنوا عملها على أجهزة مثل PlayStation 4 و Xbox One على 30 إطار في الثانية، والنتيجة كانت حصولنا على مجموعة من التحف الفنية أهمهم Red Dead Redemption 2 التي لا تزال بالنسبة للكثيرين هي أفضل تجربة رسومية في التاريخ بعالمها المفتوح الواقعي والضخم.
منفعة متبادلة بين المطورين وشركات الهاردوير
من الممكن إذًا أن تسأل سؤال، لماذا أصبحت الاستوديوهات المُطورة لا تهتم بصقل ألعابها بالشكل الكافي على الأجهزة واتجهت للاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي؟ من الناحية المنطقية ستكون الإجابة أنهم أصبحوا يستثمرون وقتهم في تطوير اللعبة نفسها وميكانيكيتها وقصتها والرسومات مع ترك فكرة صقل اللعبة باعتماد كامل على الذكاء الاصطناعي، لكن الحقيقة أنه يوجد جانب آخر لهذا الأمر.. وهو المنفعة المتبادلة بين المطورين وشركات تصنيع الهاردوير!
ببساطة سيعمل أحد المطورين على لعبةٍ ما ويستخدم فيها التقنيات التي تُقدمها شركات الهاردوير.. مثلاً يتعاون مع شركة Nvidia لتقديم تقنيات مثل Nvidia DLSS و Frame Generation، وفي نفس الوقت لا يهتم بصقل لعبته لأنه يستسهل ويستخدم تلك التقنيات من أجل رفع الفريمات وجعل اللعبة أسلس. ثم بعد ذلك يكشف المطور عن متطلبات تشغيل اللعبة وتجد أنها تحتاج لبطاقة مثل RTX 4060 على الأقل لتعمل بشكل جيد، وبذلك سيقوم جزء كبير من اللاعبين بترقية كروت الشاشة الخاصة بهم للجيل الجديد من بطاقات Nvidia للاستفادة من التقنيات الجديدة وضمان تشغيل تلك اللعبة التي كانوا ينتظروها بأفضل شكل، رغم أن اللعبة كان من المحتمل أن تعمل بدون مشاكل على بطاقات أقل قوة وأقدم إذا اهتم المطور قليلاً بصقل اللعبة وتقديمها لمختلف فئات اللاعبين بأفضل شكل.
هنا تأتي فكرة المنفعة المتبادلة، فهم يحصلون على مختلف التقنيات من شركات الهاردوير ثم يدفعون اللاعبين لشراء هاردوير جديد من تلك الشركات وفي النهاية تربح كل الأطراف.
رسومات الألعاب أصبحت لا تتطور بالشكل الكافي!
أريد أن أتطرق لموضوع آخر يوضح كسل المطورين في الفترة الأخيرة وهو عدم تطور رسومات الألعاب بالقدر الكافي. إذا رجعنا بالزمن للأجيال القديمة من الكونسول سنجد فرق شاسع في مستوى الرسومات بين جيل البلايستيشن 1 و 2 و 3 و 4، لكن الآن لا يوجد فرق في مستوى الرسومات بين جيلي بلايستيشن 4 و 5 وتشعر بأن الرسومات قد وصلت لحالة من الثبات التي لا تتطور إلا بشكل طفيف جدًا بين كل عام وآخر!
على سبيل المثال نرى فرق شاسع في مستوى رسومات الجزء الثالث من Uncharted إذا قارنته بالجزء الرابع، أو Red Dead Redemption 2 إذا قارنتها بالجزء الأول، لكن إذا نظرت على لعبة مثل God of War Ragnarok ستجدها تُقدم نفس المستوى الرسومي الذي قدمه جزء 2018 مع تحسينات طفيفة جدًا في الإضاءة والتظليل.
نفس الشيء ينطبق على لعبة مثل Spider Man 2 التي كان من المفترض أن تكون تجربة جيل جديد بالكامل من كل النواحي، لكنها لا تختلف كثيرًا عن Spider Man 2018 أو Miles Morales. أيضًا لدينا سلسلة Call of Duty التي وصلت لحالة من الثبات الرسومي منذ إصدار لعبة Modern Warfare في 2019 ولم تتطور بأي شكل حتى الآن وكأن المحرك غير قادر على تقديم أي شيء أكثر من ذلك!
هل هذا يعني أن كل ألعاب الجيل الحالي لم تُقدم طفرة في الرسومات؟ الإجابة بالطبع لا، فلدينا ألعاب مثل Alan Wake 2 و Senua’s Saga: Hellblade II التي قدمت رسومات خلابة وقريبة جدًا من الواقع، لكن يجب أن نتذكر نوعية تلك الألعاب.. فهي ألعاب سينمائية قصصية بشكل رئيسي لا يوجد حرية كبيرة للاعب فيها للاستكشاف ولا يوجد عالم مفتوح ضخم، ولذلك كان من السهل الوصول لهذا المستوى الرسومي.
لأن في الجهة الأخرى توجد لعبة عالم مفتوح عملاقة تُدعى STALKER 2 حاولت تقديم رسومات خلابة في عالمها الضخم لكنها فشلت في ذلك، والمنتج النهائي كان أقل بكثير من المستوى الرسومي الذي ظهرت به اللعبة في العروض الأولية لأن العتاد الحالي غير قادر على تشغيل لعبة بهذا الحجم على رسومات واقعية.. لذلك مشكلة تطور الرسومات لا تندرج تحت كسل المطورين فقط، بل عدم وجود العتاد أصلاً الذي سينقل أفكار المطورين للواقع بالشكل الأمثل!
الجزء الإيجابي في تطوير الألعاب على Unreal Engine 5
بالطبع رأينا في الآونة الأخيرة تحول معظم المطورين لتطوير ألعابهم على محرك Unreal Engine 5، فلدينا الأجزاء القادمة من The Witcher و Mafia و Halo وغيرها من العناوين العملاقة التي ستستخدم محرك UE5 بشكل رئيسي في عملية التطوير، فلماذا قررت معظم الاستوديوهات التخلي عن محركها والعمل على محرك جاهز بالفعل من قبل Epic Games؟
الإجابة ببساطة أن محرك Unreal Engine 5 أسهل في التعامل والتطوير، فرغم كل المشاكل التقنية المتواجدة في المحرك حتى الآن، إلا أنه من السهل تطوير الألعاب عليه بالأخص مع التقنيات التي يُقدمها مثل Nanite و Lumen والتي تُسهل من عملية تدفق الإضاءة والظلال والانعكاسات وجودة الـ Textures في كل الألعاب عمومًا التي تستخدمه.
بالإضافة إلى ذلك فمن السهل على الاستوديوهات تعيين موظفين جدد، فمعظم الذين يدرسون تلك الأمور يتعلمون بشكل رئيسي على محرك Unreal Engine، ولذلك سيكون من الأسهل فتح طلبات توظيف جديدة وجلب أشخاص لديهم خبرة بالفعل في محرك UE5 والاستفادة منهم مباشرةً بدلاً من تعليمهم أساسيات محرك آخر كليًا لم يدرسوه في الكلية مثلاً.
باختصار محرك Unreal Engine 5 رغم كل مشاكله إلا أنه يسهل عملية تطوير الألعاب على المطورين الكبار والصغار ومن الطبيعي أن نرى جزء كبير منهم يترك محركه الخاص وينتقل للعمل على محرك جاهز بالفعل بمختلف المزايا والتقنيات والشروحات والذي أثبت فعلاً أنه المستقبل في صناعة الألعاب، لذلك نأمل أن يتم حل مشاكل المحرك عاجلاً حتى يتم الاستفادة من خصائصه بشكل أفضل على الجيل الحالي بدلاً من الانتظار عامين أو ثلاثة لنجني ثمار المحرك على الجيل الجديد..
خلاصة الكلام
محرك Unreal Engine 5 على وضعه الحالي يُثقل كاهل أجهزة الكونسول والحاسب الشخصي، فنحن ليس لدينا العتاد اللازم الذي يستفيد من قدرات المحرك بأكملها ويُقدمها بأفضل شكل ممكن. ومن جهةٍ أخرى لدينا شركة Epic Games التي لا تستطيع حل مشاكل محركها والتي انتشرت كالوباء في كل الألعاب التي تستخدمه، وهذا في حد ذاته أمر مثير للسخرية بالأخص مع قيام جزء كبير من المطورين بتحويل عمليات تطويرها على محرك UE5. نضيف على ذلك كسل المطورين واستسهال عملية التطوير باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسنجد أنفسنا في أحد أسوأ أوقات صناعة الألعاب من الناحية التقنية بالأخص وأنك أصبحت تحتاج لعتاد خارق أو مكوك فضائي لتشغيل الألعاب بأعلى جودة والحصول على دقة عرض نقية خالية من الشوائب والألوان الباهتة! لا ندري إلى متى سيستمر هذا التدهور التقني، ولكن للأسف يبدو أنه لن ينتهي في أي وقتٍ قريب..