ترودو يعلن استقالته من رئاسة الحكومة الكندية
اوتاوا ـ (أ ف ب) – أعلن رئيس الحكومة الكندية جاستن ترودو الإثنين استقالته من منصبه الذي يتولّاه منذ عشرة أعوام، موضحا أنّه سيواصل تسيير الأعمال إلى أن يختار حزبه خليفة له.
وجاءت هذه الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع شعبية حزبه إلى أدنى مستوياتها في استطلاعات الرأي.
وقال ترودو أمام الصحافيين في أوتاوا “أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل”.
سيتولى ترودو، الذي أعلن في الوقت ذاته تعليق عمل البرلمان حتى 24 آذار/مارس، تسيير الأعمال لإعطاء حزبه الوقت لاختيار بديل له.
وأضاف وقد بدا عليه التأثر “هذا البلد يستحق خيارا حقيقيا في الانتخابات المقبلة. لقد أصبح واضحا لي أنّه إذا كان علي أن أخوص معارك داخلية، لا يمكنني أن أكون رئيسا للحكومة”.
يمكن أن تستمر الحملات داخل الحزب الليبرالي لعدّة أشهر. وحتى لو تسارعت وتيرة هذه العملية، من غير المرجّح أن يغادر ترودو منصبه في الأيام القليلة المقبلة.
ومن المتوقع أن يكون على رأس الحكومة في العشرين من كانون الثاني/يناير، خلال حفل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
وسارع ترامب إلى اقتناص فرصة إعلان ترودو استقالته، مجددا الدعوة لانضمام كندا إلى الولايات المتحدة.
وقال ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي “إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك تعرفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تماما من تهديد السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار”.
بالمقابل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار للصحافيين إنّ الولايات المتّحدة “تقف مع” كندا وشعبها أثناء اختيارهما زعيما جديدا.
ويأتي إعلان ترودو استقالته مع اقتراب إجراء الانتخابات التشريعية في موعد أقصاه تشرين الأول/أكتوبر 2025.
– فوضى –
يتخلف حاليا رئيس الحكومة بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.
وعانى جاستن ترودو الذي يتولى السلطة منذ عشر سنوات، تراجعا في شعبيته مع اعتباره مسؤولا عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.
فضلا عن ذلك، أثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف كانون الأول/ديسمبر بلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف بشأن كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المئة على السلع الكندية والمكسيكية بمجرد توليه الرئاسة.
زار ترودو فلوريدا في تشرين الثاني/نوفمبر للاجتماع مع ترامب لتجنب حرب تجارية.
الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأكبر لكندا ووجهة 75 في المئة من صادراتها. ويعتمد عليها نحو مليوني كندي من إجمالي السكان البالغ عددهم 41 مليون نسمة.
– “قضية خاسرة” –
أكدت لوري تورنبول الأستاذة في جامعة دالهاوسي لوكالة فرانس برس أنّ السياق السياسي الحالي “غير عادي”.
وتتحرّك العديد من الشخصيات خلف الكواليس لتولي قيادة الحزب خلال موسم أعياد الميلاد ورأس السنة.
وأفاد مصدر داخل الحزب الليبرالي فرانس برس، بأنّ الحاكم السابق لبنك كندا مارك كارني (59 عاما)، الذي يشغل منصب مستشار اقتصادي للحزب منذ الصيف الماضي، كثّف تحرّكاته في الأيام الأخيرة لتقييم مستوى الدعم الذي يحظى به داخل الحزب. كذلك الأمر بالنسبة إلى النائبة السابقة لرئيس الحكومة كريستيا فريلاند.
وأتى ردّ فعل فريلاند على استقالة ترودو الوشيكة خجولا، إذ اكتفت بشكره في منشور على منصة إكس على “سنوات خدمته لكندا والكنديين”.
ومن المقرّر أن يعقد الحزب اجتماعا كبيرا الأربعاء.
يقول خبراء إنّ تحدّيات كثيرة تنتظر خليفة ترودو، متوقّعين فوز المحافظين في الانتخابات المقبلة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيبيك في مونتريال أندريه لامورو “إنّها قضية خاسرة”، مضيفا أنّ “لا أحد في الحزب الليبرالي اليوم في وضع يسمح له بإعادة الحماسة وحشد الدعم”.
وترودو الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزا مفاجئا ليصبح رئيسا للحكومة الكندية على خطى والده في العام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.
واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968-1979 و1980-1984) عدة مسارات قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنكليزي والتربية عمل دليلا في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدربا للتزلج على الثلج بالألواح ونادلا في مطعم قبل ان يسافر حول العالم.
وأخيرا، دخل معترك السياسة في العام 2007 وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال لكنه لم ينجح في مسعاه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعا اتنيا في كندا وانتخب نائبا عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.
وفي نيسان/ابريل 2013، أصبح زعيم الحزب الليبرالي الذي هزمه المحافظون قبل سنتين.
وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم وأطلق تحقيقا عاما بشأن نساء السكان الأصليين اللواتي فقدن أو قتلن ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: