“اختراق كورسك”.. هجوم أوكراني مفاجئ يهدد استقرار الحدود الروسية ويوسع نطاق المواجهة

تتسارع وتيرة الصراع الروسي الأوكراني في تصعيد جديد ينذر بتغيرات جذرية على أرض المعركة، ففي خطوة جريئة، نجحت القوات الأوكرانية في تحقيق اختراقات كبيرة في منطقة كورسك الحدودية، مما أشعل مواجهة محتدمة بين الطرفين، والهجوم الذي جاء بمشاركة منظومة متطورة من الأسلحة والتكتيكات، يعكس تحولًا دراماتيكيًا في ميزان القوى، ويثير تساؤلات حول قدرة روسيا على الحفاظ على سيطرتها في المنطقة.

“اختراق كورسك”.. هجوم أوكراني مفاجئ يهدد استقرار الحدود الروسية ويوسع نطاق المواجهة

توغل استراتيجي

وبدأت القوات الأوكرانية أولى عملياتها في منطقة كورسك الحدودية في أغسطس، وتمكنت من الاحتفاظ بمساحات كبيرة من الأراضي رغم المحاولات الروسية المتكررة لاستعادتها. وفقًا لتصريحات رسمية أوكرانية، فإن الهجمات الأخيرة تهدف إلى تعزيز السيطرة على المواقع الحيوية داخل المنطقة. رئيس المكتب الرئاسي الأوكراني، أندري يرماك، صرّح على منصة تيليجرام قائلاً: “أخبار جيدة من كورسك، روسيا تحصل على ما تستحقه”، مما يعكس الثقة المتزايدة في قدرات الجيش الأوكراني، وفقاً لشبكة “سي إن إن” الأميركية.

من جانبها، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن الهجمات الأوكرانية شملت محاولات لاستهداف المواقع الروسية بدبابات ومركبات مدرعة، لكنها أشارت إلى صد الهجمات، بما في ذلك محاولة كبيرة قرب قرية بيردين الواقعة على بعد 15 كيلومترًا من الحدود.

وزادت التوترات حدتها أمس عندما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خسائر فادحة في صفوف القوات الروسية، بما في ذلك كتيبة كاملة من الجنود الكوريين الشماليين والمظليين الروس في معارك قرب قرية ماكهنوكا. الكتيبة، التي تتألف عادة من عدة مئات من الجنود، تُعدّ خسارة كبيرة لروسيا.

التقدم شمالاً

في الوقت نفسه، أكدت مصادر غير رسمية روسية، بما في ذلك مدونات عسكرية موثوقة، استمرار القتال في المنطقة، حيث ذكرت إحداها أن القوات الأوكرانية تتقدم شمالًا نحو بيردين، بينما تحاول روسيا صد الهجوم باستخدام أنظمة مدفعية ودبابات.

وتقدر التقارير الأوكرانية والغربية عدد الجنود الكوريين الشماليين في منطقة كورسك بحوالي 11,000 جندي. هذا الانتشار يعكس اعتماد روسيا المتزايد على حلفائها لتعويض خسائرها البشرية في المعركة. وفقًا للمصادر الأوكرانية، فإن هذه القوات لم تتمكن من تحقيق أي تقدم ملموس رغم الدعم المقدم لها.

التقنيات العسكرية لعبت دورًا بارزًا في هذا التصعيد، حيث استخدمت القوات الأوكرانية أنظمة حرب إلكترونية متقدمة لتعطيل الطائرات الروسية بدون طيار، مما أثر بشكل كبير على قدرات الاستطلاع الروسية.

وعلى الأرض، دخل نائب وزير الدفاع الروسي، يونس-بيك يفكوروف، منطقة كورسك للإشراف على العمليات العسكرية. هذه الخطوة تعكس جدية الموقف الروسي في التعامل مع التهديد الأوكراني المتزايد. من جهته، أكد الحاكم بالإنابة لمنطقة كورسك، ألكسندر هينشتاين، على تيليجرام أن الحكومة المحلية ستبذل كل ما بوسعها لدعم القوات المسلحة في “الكفاح المقدس ضد النازية”، وفقًا لتعبيره.

وتزامنت التصريحات الروسية مع تقارير عن دخول القاذفات الروسية المعركة، مما يشير إلى تحركات أكثر حدة للتعامل مع الوضع. في الوقت نفسه، شددت مصادر أوكرانية على أن الأرض المتجمدة تسهل العمليات الهجومية، ولكنها قد تعيق استمرارها لفترة طويلة.

ومع استمرار التصعيد في كورسك، تبدو المنطقة على أعتاب مواجهة مفتوحة قد تعيد رسم معالم الصراع في شرق أوروبا. النجاح الأوكراني في التوغل يفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة روسيا على الحفاظ على سيطرتها، بينما تعكس الخسائر البشرية والتقنية المتزايدة هشاشة الوضع الروسي، فهل ستتمكن أوكرانيا من الاستفادة من هذه التحولات لتعزيز موقفها؟ أم أن الرد الروسي سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر؟