التصدى للشائعات ومحاولات شق الصف ضرورى.. والرهان الآن على وعى المصريين

التصدى للشائعات ومحاولات شق الصف ضرورى.. والرهان الآن على وعى المصريين

كشف المهندس محمد هيبة، رئيس لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بمجلس الشيوخ، عن أن مصر قدمت تقريرها الوطنى للجولة الرابعة لآلية الاستعراض الدورى الشامل لحقوق الإنسان، عقب إجراء العديد من المشاورات مع الأجهزة الحكومية، والخبراء، ومنظمات المجتمع المدنى، وشهد استعراض كل التطورات فى الملف، مع الرد على ملاحظات الدول الواردة فى تقرير المراجعة.

وقال «هيبة»، خلال حواره مع «الدستور»، إن التقرير الوطنى يتضمن أبرز التطورات التى شهدتها البلاد فى مجالات الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلال الفترة الماضية، مع التركيز على حقوق المرأة، والطفل، والأشخاص ذوى الإعاقة، والشباب، وكبار السن، بالإضافة إلى التطور التشريعى والحوار الوطنى.

ورأى أن المرحلة الحالية تستوجب أن يتحمل الجميع مسئولياته، سواء الحكومة أو المعارضة أو القوى السياسية، كلٌ فى مجاله، ومن الضرورى أن نُدرك أن صاحب القرار يتعامل مع معطيات وتقديرات للمواقف تشمل جميع الملابسات والاحتمالات وتقارير من جميع الجهات، وهى أمور قد لا تكون متوافرة لدى المعارضة، لذلك، يجب أن يكون هناك استيعاب لهذه الحقائق، خاصة أن صانع القرار لا يستطيع دائمًا كشف جميع الأوراق، لأن ذلك قد يكون أكثر ضررًا فى كثير من الأحيان.

■ كيف ترى تقرير المراجعة الدورية لحقوق الإنسان الذى تقدمت به مصر للمنظمة الدولية؟

– يعكس التقرير الوطنى أبرز التطورات التى شهدتها البلاد فى مجال الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلال الفترة الماضية، مع التركيز على حقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة والشباب وكبار السن.

وتُشرف اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، برئاسة وزير الخارجية، على تعزيز حقوق الإنسان بمفهومها الشامل والمستدام، إلى جانب دورها المحورى فى متابعة تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان «٢٠٢١- ٢٠٢٦» التى أطلقها رئيس الجمهورية فى عام ٢٠٢١.

وقدمت مصر ردودًا شاملة على كل الملاحظات المقدمة من الدول، خاصة أن فترة المراجعة شهدت تطورات غير مسبوقة فى ملف حقوق الإنسان فى مصر.

كما شاركت مصر فى فعالية عُقدت يوم ٥ ديسمبر الجارى، بمقر البعثة المصرية الدائمة لدى الأمم المتحدة فى جنيف، تحت عنوان «تعزيز المشاركة السياسية وحقوق الإنسان فى مصر».

■ ما أبرز الملفات التى تم استعراضها؟

– استعرضت مصر أبرز التطورات التى شهدتها البلاد فى مجال الحقوق المدنية والسياسية، بما فى ذلك التطور التشريعى والمؤسسى، والاستحقاقات الانتخابية، ومبادرة الحوار الوطنى، بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بالعفو الرئاسى وإعادة إدماج المفرج عنهم فى المجتمع، وجاء ذلك بمشاركة واسعة من البعثات الدبلوماسية المختلفة فى جنيف، إلى جانب ممثلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

■ كيف كانت ردود الأفعال من الجانب الغربى؟

– حظى الاستعراض المصرى بإشادات دولية وأممية واسعة بشأن التطورات التى شهدها ملف حقوق الإنسان خلال فترة الاستعراض، كما قدمت توصيات بتبنى الدول العربية النموذج المؤسسى للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان فى مصر، باعتباره نهجًا مناسبًا لمعالجة قضايا حقوق الإنسان بطبيعتها متعددة الأبعاد والجهات، وبمفهومها الشامل والمستدام.

■ ما أهمية الحوار الوطنى الذى جرى خلال الفترات الماضية وأثره؟

– جاء الحوار الوطنى، الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمشاركة جميع القوى والأحزاب السياسية والنقابات، فى توقيت بالغ الأهمية على الصعيدين الداخلى والخارجى، فعلى المستوى الخارجى، يشهد العالم تشكيل نظام جديد متعدد الأقطاب والقوى، بدلًا من نظام القطب الواحد، ما يُسهم فى تحقيق توازن دولى يخدم مصالح الشعوب ويعزز الاستقرار العالمى.

■ كيف ترى أهمية توقيت الحوار الوطنى؟

– جاء الحوار الوطنى فى توقيت بالغ الأهمية، حيث يمر العالم بأزمة كبرى فى الغذاء والطاقة، إلى جانب موجة تضخم غير مسبوقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. كما أن التطورات المتلاحقة فى منطقة الشرق الأوسط، بدءًا من الحرب على غزة وما تقوم به إسرائيل، مرورًا بالأحداث فى البحر الأحمر التى أثرت على دخل مصر من قناة السويس، وصولًا إلى التوترات فى لبنان وبين إسرائيل وإيران، والأحداث الأخيرة فى سوريا، بالإضافة إلى الأزمة فى السودان، كلها عوامل أسهمت فى زيادة أعداد اللاجئين فى مصر، التى تجاوزت ٩ ملايين لاجئ.

وشكل هذا الوضع عبئًا كبيرًا وضغطًا إضافيًا على الاقتصاد المصرى فى ظل هذه الظروف العالمية والإقليمية المتغيرة.

■ هل كان للحوار الوطنى أثر واضح؟

– نعم، كان للحوار الوطنى أثر واضح على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة فى ظل عالم يشهد تقلبات كبيرة، فتعزيز قوة الجبهة الداخلية والاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية يُعد المخرج الأساسى لمواجهة الأزمات والمتغيرات العالمية.

ومن المتوقع أن تنعكس نتائج هذا الحوار بشكل إيجابى على الشعب، مع التطلع إلى تحقيق نتائج قوية تلبى تطلعات المواطنين وتسهم فى تعزيز الاستقرار والتنمية.

■ ما رأيك فى موقف الأحزاب والقوى السياسية من الاستجابة لبدء الحوار الوطنى؟

– الاستجابة الكبيرة تعكس حرص القوى الوطنية المصرية على خدمة الوطن ومواجهة التحديات الراهنة، ومع ذلك، من الضرورى أن تعد المعارضة ملفاتها جيدًا، وتدرس كل المقترحات بعمق، وأن تتحاور مع الحكومة بشكل عملى وبنّاء حول الملفات المطروحة، خاصة فى ظل الظروف الحالية.

فالعالم يواجه موجات تضخم متزايدة واضطرابات فى سلاسل الإمداد، ما وضع بعض الحكومات فى مواقف صعبة أمام شعوبها، لذا، فإن وحدة الصف الوطنى تعد من أهم النتائج المطلوبة لمواجهة هذه الأزمات، ومن المتوقع أن يكون للحوار تأثير إيجابى كبير، شريطة أن تبتعد المعارضة عن الشعارات والمزايدات، وأن تركز على طرح حلول واقعية تلبى احتياجات المواطنين وتحقق المصلحة العامة.

■ كيف ترى أهمية الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية والدولة خلال المرحلة الحالية؟

– يمثل الاصطفاف الوطنى خطوة كبيرة ومهمة لتعزيز الجبهة الداخلية فى هذا التوقيت الحرج، الذى يتطلب وحدة الصف لبناء مرحلة جديدة تسهم فيها جميع فئات المجتمع فى بناء الجمهورية الجديدة، القائمة على الوحدة والمشاركة ومواجهة الأزمات والتحديات.

ومن الضرورى ترتيب الأولويات، خاصة فى ظل ما تشهده المنطقة من تطورات واضطرابات، بالإضافة إلى الظروف الصعبة التى تمر بها دول الجوار والمستجدات على المستوى العالمى، ما يستدعى تكاتف الجميع.

كما أن التصدى للشائعات ومحاولات شق الصف والجبهة الداخلية يُعد أمرًا ضروريًا، ويبقى الرهان على وعى الشعب المصرى وقدرته على إدراك ما يُحاك من مؤامرات، مع الحفاظ على تماسكه وثقته فى القيادة السياسية لتحقيق الاستقرار والتنمية.

■ ما توقعاتك لأثر الحوار الوطنى على الحياة السياسية وخلق تفاهم وتنسيق سياسى؟

– تستوجب المرحلة الحالية أن يتحمل الجميع مسئولياته، سواء الحكومة أو المعارضة أو القوى السياسية، كلٌ فى مجاله، من الضرورى أن نُدرك أن صاحب القرار يتعامل مع معطيات وتقديرات للمواقف تشمل جميع الملابسات والاحتمالات وتقارير من جميع الجهات، وهى أمور قد لا تكون متوافرة لدى المعارضة، لذلك، يجب أن يكون هناك استيعاب لهذه الحقائق، خاصة أن صانع القرار لا يستطيع دائمًا كشف جميع الأوراق، لأن ذلك قد يكون أكثر ضررًا فى كثير من الأحيان.

منذ توليه المسئولية، اختار الرئيس السيسى الطريق الصعب فى اتخاذ القرارات، ليس بغرض تحقيق الشعبية أو مخاطبة مشاعر المواطنين، بل لتحقيق المصلحة العامة للوطن والمواطن.

لذلك، يجب على المعارضة أن تكون متفهمة لهذه التحديات، وأن تركز على المعلومات والدراسات المتعلقة بالملفات المطروحة بعيدًا عن الخطابات الرنانة، كما يجب أن يكون هناك حوار جاد مع الحكومة، وأدعو إلى مشاركة وزراء الحكومة فى الحوار الوطنى لشرح الأوضاع بصراحة، وعرض التحديات أمام الجميع بهدف تقديم حلول واستماع إلى مقترحات قابلة للتنفيذ فى النهاية.

■ كيف ترى اهتمام الدولة بالشباب مع دعم الرئيس ومؤسسات الدولة؟

– يمثل الشباب ٦٠٪ من الشعب المصرى، وهم طاقة ووقود مصر ومستقبلها، بل إنهم حجر الزاوية فى تقدم الوطن، ولكن من المهم التأكيد على أن وزارة الشباب ليست المسئولة الوحيدة عن الشباب، بل إن وزارتى التعليم والتعليم العالى وكل مؤسسات الدولة تتحمل مسئولية أكبر منذ دخول الشاب المدرسة وحتى تخرجه، فوزارة التعليم هى التى تبنى وتشكل وجدان الشباب، بينما تصقل الجامعات هذه المبادئ وتكملها.

لذلك، أدعو إلى إنشاء لجنة وزارية مختصة بالشباب، تضم وزراء الشباب والتعليم والتعليم العالى والثقافة، لوضع خطط استراتيجية لدعم ومشاركة الشباب فى مختلف مجالات الحياة.

■ ما تقييمك للإنجازات التى تتم فى مصر فى كل المجالات؟

– لا يستطيع أى منصف أو مواطن إنكار الإنجازات التى تحققت خلال السنوات الماضية، منذ تولى الرئيس السيسى المسئولية، فقد شهدت مصر مشروعات قومية كبرى فى جميع أنحاء البلاد، مع تنمية شاملة فى مختلف المجالات، بما فى ذلك مشروعات المياه والكهرباء والصرف الصحى، بالإضافة إلى مشروع «حياة كريمة» الذى يُعد مشروع القرن، ويُمثل نقلة كبرى للدولة المصرية، ويُعتبر من أكبر المشروعات فى العالم.

كما تشمل الإنجازات مشروعات ضخمة فى النقل، حيث تم إنشاء ٧ آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة، بالإضافة إلى تحسين خدمات الصحة ومجال الزراعة، مثل مشروع «مستقبل مصر» الزراعى.

كل هذه الإنجازات كانت تتطلب عشرات السنين من العمل الضخم والتمويل الكبير، ولا شك أن هناك طفرة غير مسبوقة.

وأعتقد أنه لولا الظروف والأزمات الخارجية، مثل جائحة كورونا، ثم الحرب على أوكرانيا، وتقلبات الأسعار فى النقل والطاقة والغذاء، بالإضافة إلى الأحداث فى الشرق الأوسط، لكانت مصر فى وضع أفضل، ولشعر المواطن بثمار التنمية والمشروعات بشكل أكثر وضوحًا.

كيف ترى الوضع فى مراكز الإصلاح؟

– تم تطوير السجون فى مصر بشكل لم يكن يتخيله أحد، حيث أصبحت السجون أماكن لرعاية وتأهيل وإصلاح النزلاء، ولقد شهدنا تطورًا كبيرًا فى هذا المجال.

ومع ذلك، تتعرض مصر بين الحين والآخر لحملات شرسة تُستخدم فيها قضايا حقوق الإنسان كورقة ضغط للتأثير على القرار المصرى. هناك ازدواجية واضحة فى المعايير التى يتم التعامل بها من الخارج.

لقد التقيت وفدًا من الاتحاد الأوروبى منذ فترة، وسألوا عن السجون والسجناء. كان ردى عليهم: «لماذا تسألون عن سجين أو اثنين، وكلهم تمت محاكمتهم وفقًا لأحكام القضاء؟ ولماذا تتجاهلون ملف سد النهضة الذى يُهدد حياة المصريين؟ أين أنتم من هذا الملف؟ توفير المياه هو من أهم حقوق الإنسان، وهو الحق فى الحياة».