هناك حاجة لتسهيل إجراءات دخول وتوسع المستثمرين الأجانب فى السوق المصرية
تُعد مصر من الدول ذات الإمكانيات الاقتصادية الواعدة، لكنها ما زالت تواجه تحديات فى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحافظة على المستثمرين الحاليين، وتأتي البيروقراطية على رأس هذه التحديات، حيث تؤدي الإجراءات المعقدة إلى تعطيل دخول الشركات الأجنبية وإحباط المستثمرين، بحسب ماهر ميلاد الشريك التنفيذى بمكتب “أندرسن مصر” للاستشارات المالية والقانونية والضريبية.
وذكر ميلاد أن الدول المتقدمة تتبع نهج يقوم على افتراض حسن النية عند التعامل مع المستثمرين، إلى أن يثبت العكس، وهذه الفلسفة تُشجع المستثمرين على القدوم والعمل دون خوف من القيود المرهقة، وفي المقابل، تضع الدولة قوانين واضحة وعادلة تضمن التعامل بحزم مع أي مخالفات قانونية أو مالية.
تحديث قوانين العمل
وأوضح لـ”البورصة” أن من إحدى التحديات الكبرى التى تواجه المستثمرين في العديد من الدول قوانين العمل القديمة التي لا تُلبي متطلبات العصر الحديث، والتى غالبًا ما تُقيّد المستثمرين بتكاليف وإجراءات تجعل من الصعب إدارة العمالة بكفاءة ومرونة، مشيرًا إلى أنه من الضروري إعادة النظر في قوانين العمل، مع السماح للمستثمرين بإلغاء عقود العمل وفق شروط هذه العقود نفسها، بدلاً من الاعتماد على قوانين قديمة لم تعد مناسبة للواقع الاقتصادي الحالى.
وذكر أنه بمجرد التزام المستثمرين بشروط عقود محددة مع موظفيهم، يجب أن تكون القوانين داعمة لهذه العقود وليس عائقًا أمام تنفيذها مع السماح بإنهاء عقود العمل وفق الشروط المنصوص عليها، مما يعزز الشفافية والوضوح في العلاقة بين أصحاب العمل والموظفين.
وأشار إلى أن تحديث قوانين العمل يعزز التنافسية، بما يسمح للمستثمرين بإدارة العمالة وفق عقود العمل المتفق عليها، مما يجعل السوق أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية، إضافةً إلى تقليل النزاعات، حيث تكون العلاقة بين الموظف وصاحب العمل واضحة ومحددة في العقد، إضافةً إلى تحفيز النمو الاقتصادى.
تسهيل فتح حساب بنكي مؤقت للسياح يبدأ وينتهي مع مدة إقامتهم في مصر دعماً للسياحة
وطالب بدارسة تجارب الدول الأخرى مثل سنغافورة والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، حيث تعتمد قوانين العمل فى كل منها على الشفافية وتسهيل الإجراءات، مع ضمان حقوق العاملين وفقًا للعقد، مع إعطاء الأولوية للعقود الفردية بين صاحب العمل والموظف، مما يضمن مرونة كبيرة ويقلل من القيود التي تُعيق التوسع أو التعديل في القوى العاملة.
واقترح ميلاد خطة عمل لتحديث قوانين العمل في مصر تتمثل فى إلغاء القوانين القديمة، واستبدالها بأخرى تركز على احترام شروط العقود الموقعة بين الأطراف، وضمان حقوق العاملين، بما يسمح بوضع حد أدنى من الشروط التي تحمي الموظفين مثل التعويض المالي عند الإنهاء المفاجئ، ولكن دون تحميل المستثمرين أعباءً غير منطقية، مع الاستفادة من التجارب الدولية فى تطبيق أفضل الممارسات من الدول التي نجحت في تحديث قوانين العمل.
وشدد على أهمية إصلاح القضاء العمالى، بما يوفر نظام قضائي سريع وفعّال للفصل في النزاعات العمالية لضمان حقوق الطرفين دون تأخير.
ولفت ميلاد إلى أن النظرة السلبية التي تُعامل بها بعض الجهات المستثمر، من فرض قيود وإجراءات معقدة تُعطل عمل المستثمرين.
وشدد على أهمية معاملة المستثمر بحسن نية باعتباره شريكًا في دعم الاقتصاد الوطنى، في المقابل، إذا ثبت تورط أي مستثمر في تقديم بيانات مزورة أو القيام بأعمال مخالفة للقانون، فحينها يمكن للدولة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، بما في ذلك شطب سجل الشركة وإغلاقها.
إجراءات معقدة لتأسيس الشركات وفروعها
وقال الشريك التنفيذى بمكتب “أندرسن – مصر” إن من أبرز التحديات التي تواجه الشركات الأجنبية الراغبة في دخول السوق المصرى، اشتراط توثيق مستندات الشركة الأم في السفارات المصرية، وهي عملية تستغرق شهورًا وتُعد عائقًا أمام الشركات، إلى جانب فرض قيود أخرى مثل اشتراط حصول الفرع المحلي على عقد لتنفيذ مشروع قبل السماح بتأسيسه، مما يُعيق الشركات من التوسع بسهولة في السوق المصري.
وطالب بضرورة إلغاء شرط توثيق المستندات في السفارات، والاكتفاء بمستندات تثبت وجود الشركة الأم وقدرتها المالية، والسماح للشركات بفتح فروع دون الحاجة إلى عقود مسبقة لتنفيذ مشاريع.
وأكد أهمية تدشين منصة إلكترونية موحدة تُسرّع من إجراءات تأسيس الشركات، مع تقديم الدعم الإداري والفني للمستثمرين.
ولفت إلى أن فتح الحسابات البنكية للسياح والشركات الأجنبية يمثل تحديًا إضافيًا يواجه المستثمرين.
واقترح السماح للسياح بفتح حساب بنكي مؤقت يبدأ وينتهي مع مدة إقامتهم في مصر، مما يدعم قطاع السياحة، إضافةً إلى تسهيل فتح الحسابات البنكية للشركات دون الحاجة إلى تتبع جميع المالكين أو هيكل الشركة بشكل كامل، وفي حال ثبوت أن الأموال مغسولة أو ناتجة عن جرائم، يتم على الفور تجميد الحسابات ومنع السحب منها، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وطالب بضرورة تقديم حوافز للمستثمرين الجدد، مثل تخفيض الرسوم الإدارية والإعفاءات الضريبية المؤقتة.