شهد عام 2024 أحداثًا استثنائية في مجالات السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والبيئة.. وقد فرضت التطورات المتسارعة نفسها على الساحة العالمية؛ ما ترك آثارًا عميقة، ستستمر سنوات قادمة.
ففي الشرق الأوسط تصاعدت حدة الصراعات بشكل غير مسبوق؛ فقد امتدت الحروب الإسرائيلية لتشمل مواجهات مع حزب الله وإيران، بينما شهدت سوريا تحولاً تاريخيًّا بالإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي ظل قائمًا لعقود. وهذه التحولات أحدثت ارتدادات سياسية وأمنية عميقة في المنطقة؛ ما عزز حالة التوتر وعدم الاستقرار.
وفي الولايات المتحدة شكلت الانتخابات الرئاسية حدثًا دراماتيكيًّا بعد انسحاب جو بايدن من السباق، وتعرُّض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال، وإدانته بـ 34 جناية. وبالرغم من التحديات القانونية والسياسية نجح ترامب في تحقيق فوز مفاجئ على كامالا هاريس؛ ليعود إلى البيت الأبيض وسط انقسام شعبي كبير.
وعلى صعيد الكوارث الطبيعية تعرَّض العالَم لسلسلة من الزلازل والفيضانات التي أثرت على حياة ملايين البشر، بينما سجَّل عام 2024 أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق؛ ما زاد من حدة الجفاف والكوارث البيئية في ظل بطء التقدم في مواجهة التغيُّر المناخي.
وفي مجال التكنولوجيا كان عام 2024 علامة فارقة في تطوُّر الذكاء الاصطناعي؛ إذ شهدت تقنيات توليد الصور والنصوص والفيديوهات قفزات هائلة؛ ما أعاد تشكيل العديد من القطاعات، مثل الإعلام والتعليم والترفيه.
أما على الساحة الدولية فقد شهدت الانتخابات في أكثر من 80 دولة تغييرًا جذريًّا؛ إذ عاقب الناخبون حول العالم الأحزاب الحاكمة؛ ما أدى إلى خسارة أحزاب بارزة في دول مثل (الهند واليابان وجنوب إفريقيا)، واضطرارها لتشكيل حكومات ائتلافية في وجه الغضب الشعبي.
وفي الفضاء حقَّقت اليابان إنجازًا تاريخيًّا بالهبوط على القمر، بينما أشارت الاكتشافات الجديدة على المريخ إلى احتمالية وجود حياة.
ومع ذلك، زادت التوترات الجيوسياسية في هذا المجال بعد اتهام روسيا بوضع أسلحة نووية في الفضاء، وتوسيع الصين شبكة أقمارها العسكرية.
وفي أوروبا الشرقية واصلت روسيا تقدُّمها في الحرب ضد أوكرانيا، بالرغم من الخسائر البشرية الهائلة، فيما تعثرت الجهود الدولية لوقف إطلاق النار بسبب شروط موسكو الصعبة.
وعلى الجانب الاقتصادي أثارت عودة الصين لاستراتيجية التصدير بعد أزمة كوفيد مخاوف كبرى لدى الدول المستوردة؛ ما دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لفرض رسوم جديدة على الواردات الصينية؛ لحماية صناعاتها المحلية.
وفي السودان استمرت الحرب الأهلية التي خلّفت آلاف القتلى وملايين النازحين، وسط فشل الجهود الدولية في التوصل إلى حل يُنهي المأساة الإنسانية المستمرة.
وشكَّل هذا العام المضطرب علامة فارقة في التاريخ الحديث؛ إذ أكدت الأحداث أن العالم يواجه تحديات متشابكة؛ تتطلب حلولاً جذرية، وإرادة دولية حقيقية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.