✓ حين يتوارى المنطق خلف دخان التصريحات .. إلى أين يجرنا غالي؟

✓ حين يتوارى المنطق خلف دخان التصريحات .. إلى أين يجرنا غالي؟

في زمن تُبنى فيه الأمم على ركام الصراعات، وتنحت هويتها بماء التاريخ والحقائق، يخرج علينا صوت مفاجئ، متذبذب بين الشعارات الرنانة والعبارات المشوشة، ليهوي بمعاول الشك على قضايا حُسمت منذ زمن بعيد.

إنه تصريح عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي اختار أن يغرد خارج السرب الوطني، بموقف يفتقد لأدنى مستويات الحكمة والمسؤولية تجاه ملف الصحراء المغربية؛ تلك القضية التي ارتوت بدماء الشهداء وتوحدت تحت ظلها إرادة الوطن.

كيف لأحد رموز الحقوق أن يُغفل، أو يتغافل، عن حق واضح كالشمس في قلب النهار؟ بل كيف لمن يُفترض أنه حارس القيم الإنسانية أن يضرب عرض الحائط كل ملاحم البناء والاعتراف الدولي بملف الصحراء؟!..

تصريحات “غالي” لا يمكن اعتبارها أبدا مجرد كلمات هُدرت على منابر الإعلام، وإنما خناجر تُغرس في خاصرة الوطن، تُسائل نواياه وتُلقي ظلال الشك على فهمه العميق لما تمثله الصحراء بالنسبة لكل مغربي.

ولا يمكن اعتبار قضية الصحراء المغربية مجرد ملف عالق أو قضية حقوقية عابرة، بل هي أمانة حملها هذا الشعب من جيل إلى جيل، وصاغها بعزيمة لا تلين منذ المسيرة الخضراء التي خطّت أقدام المغاربة فيها دربا من نور نحو الوحدة والكرامة؛ هي أرض الأجداد، وموطن الجذور، وراية عزة مغروسة في وجدان هذا الوطن الذي لا يقبل أن تُنتهك كرامته تحت أي ذريعة كانت.

وإذا كان من يدّعي الدفاع عن الحقوق يتناسى أن الصحراء لم تكن يوما سوى جزءا لا يتجزأ من هذا المغرب العظيم، فأين كان هذا الضمير الحقوقي المزعوم حين ارتُكبت مظالم ضد الوحدة الترابية للوطن؟ أم أن الأوهام المشبوهة لبعض الأطراف قد تحولت إلى بوصلة توجه تصريحات وقرارات تغيب عنها الرؤية الوطنية الصادقة؟

إنه لمن المؤسف أن تُستغل المنابر الحقوقية، التي كان يُفترض أن تكون صوتا للحقيقة والعدل، لتُصبح ساحة لزرع بذور الفتنة واللبس.

تصريح كهذا، بدل أن يُدافع عن الوطن ويُعزز قيم الوحدة، يُشكل خرقا واضحا لما يؤمن به المغاربة جميعا، قمة وقاعدة، ألا وهو أن الصحراء جزء لا يتجزأ من الجسد المغربي، وأن أي تهاون في هذه القضية هو طعن في الهوية الوطنية.

على “غالي” أن يعلم أن التاريخ لا يرحم أولئك الذين يقفون على نقيض إرادة شعوبهم، وأن الوطنية هي مواقف تُتخذ، وحقيقة تُنطق بلا مواربة. فأي حق يُدافع عنه من يخذل ثوابت وطنه؟ وأي مصداقية تبقى لمن يزج بنفسه في متاهات التشكيك والخذلان؟

إن تصريح غالي، وهو يحاول أن يتسلق جدران الشك، لن يغير شيئا من ثوابت المغاربة، الذين يدركون أن الوطن لا يُباع ولا يُشترى، وأن الصحراء المغربية أكبر من أن تهتز أمام كلمات جوفاء.

التاريخ كتب، والحقائق نُقشت، ومن أراد السباحة عكس تيار الوطن، فلن يُجني سوى الخيبة.

يا غالي، كنت “غاليا” حتى أهدرت رصيدك من الحكمة على مذبح تصريحاتك، فسقطت من أعين من اعتقدوا فيك صوتا للحق والمنطق.. لقد كنت غاليا، لكنك أضعت الطريق حين اخترت أن تغرد خارج سرب الإجماع الوطني، فخُنت ثقة من كانوا يرون فيك مدافعا عن كرامة الشعب، فإذا بك تجرح كبرياءه بمواقف لا تليق بمن يتحدث باسم الوطن.

تذكر يا غالي، أن الصحراء ليست ورقة تُلعب على طاولات الوهم.. 



Shortened URL

YouTube Video Thumbnail