يتمتع دونالد ترامب حاليًا بمرحلة فريدة من نوعها، حيث يمارس نفوذًا سياسيًا واجتماعيًا كبيرًا قبل أن يتولى رسميًا منصب الرئاسة. يُظهر ترامب ثقة عالية بالنفس واستعراضًا للقوة، مستمتعًا بإقبال القادة الأجانب ورجال الأعمال وكبار الجمهوريين عليه، وقد عبّر عن ذلك قائلاً: “في هذا الولاية، الجميع يريدون أن يكونوا أصدقائي”، وهذا الوضع يطرح تساؤلات حول مدى استمرارية هذه النشوة عند مواجهة تحديات الواقع السياسي والاقتصادي المعقد.
القوة والنفوذ
ومنذ فوزه في الانتخابات، ظهر ترامب بصورة أكثر بروزًا من جو بايدن، وكأنه الرئيس الحالي بالفعل. يسيطر على الخطاب السياسي، ويتفاعل مع قادة العالم، ويستقطب كبار رجال الأعمال. يملك ترامب النفوذ، لكنه لم يتسلم بعد السلطة الدستورية الفعلية. يرى ترامب أن الوضع الحالي أفضل بكثير من ولايته الأولى، حيث كان يواجه معارضة شرسة. الآن، يبدو أن الجميع يريدون الاتفاق معه، وفقاً لشبكة “سي إن إن” الأميركية.
والسؤال المطروح هو: إلى متى سيستمر هذا الوضع المثالي؟ سرعان ما سيواجه ترامب واقعًا مليئًا بالتحديات، من بينها أمة منقسمة، مشاكل اقتصادية، وعالم مليء بالتهديدات. شعبيته لا تزال محدودة، ما يزيد من صعوبة مهمته. رغم ذلك، يعيش ترامب في نشوة النصر، متمتعًا بإحساس الانتصار على ما يعتبره تزويرًا في انتخابات 2020.
ويحظى ترامب بفرصة تاريخية لبدء ولاية ثانية من الصفر، على غرار جروفر كليفلاند. كونه ثاني رئيس يفوز بفترتين رئاسيتين غير متتاليتين، يمكنه الاستفادة من أخطاء ولايته الأولى والبدء بفريق جديد وأجندة جديدة. استطلاعات الرأي تشير إلى أن نسبة كبيرة من الأمريكيين يتوقعون أداءً جيدًا لترامب في ولايته الثانية.
فريق جديد
وقضى ترامب أربع سنوات خارج السلطة في تكوين فريق جديد يتماشى مع رؤيته بشكل أكبر. ويحظى بدعم قوي من الحزب الجمهوري في الكونجرس، ويُتوقع الموافقة على معظم اختياراته في مجلس الوزراء. هذا يمنحه نفوذًا واسعًا وغير مقيد في بداية ولايته.
ويختلف وضع ترامب الحالي عن ولايته الأولى، التي بدأت وسط اتهامات بالتدخل الروسي في الانتخابات. الآن، فوزه بالرئاسة يمنحه سلطة إلغاء العديد من القضايا القانونية ضده.
وبمجرد توليه المنصب، سيواجه ترامب ردود فعل قوية على قراراته، ما قد يستنزف رصيده السياسي ويزيد من الانقسام. إذا فشل في تحقيق وعوده الانتخابية، فقد تنخفض شعبيته. هناك بالفعل مؤشرات مقلقة، مثل اعترافه بصعوبة خفض الأسعار والتعامل مع الوضع في أوكرانيا.
وسيواجه ترامب مشاكل كبيرة إذا لم يفِ بوعوده، مثل ترحيل المهاجرين أو فرض تعريفات جمركية، ما قد يؤدي إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية. حتى وعوده بالعفو عن المتورطين في أحداث 6 يناير قد تكون غير شعبية.
شخصية متقلبة
ولا يزال هناك قلق من شخصية ترامب المتقلبة وانفجاراته المزاجية، التي أثرت سلبًا على ولايته الأولى. من غير المرجح أن تتغير شخصيته، ما قد يزيد من حدة التوتر السياسي.
ويحتاج ترامب إلى كسب ثقة البلاد بأكملها، وليس فقط قاعدته الانتخابية. إذا شعر الناخبون المعتدلون بأنه يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية، فقد يفقد الدعم الذي ساعده على الفوز.
وبدأت تظهر بعض التحديات التي تنتظر ترامب، خلال المؤتمر الصحفي، مثل ملف إيران النووي والأزمة في أوكرانيا. ويكرر ترامب وعده بإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه لم يقدم أي حلول عملية.
وأثار ترامب مخاوف بشأن تهديد الديمقراطية والحريات السياسية، من خلال تصريحاته عن مقاضاة وسائل الإعلام واتهاماته بالتزوير الانتخابي.
ويتمتع ترامب حاليًا بوضع قوي ونفوذ كبير، لكنه سيواجه تحديات كبيرة بمجرد توليه المنصب رسميًا. وقدرته على التعامل مع هذه التحديات ستحدد نجاح ولايته الثانية.