باحثون: قيام الليل والنوم الليلي المقسوم النمط الطبيعي للإنسان وسُنّة نبوية مطهرة

يشير نمط النوم الليلي المقسوم، أحد أشكال النوم ثنائي الطور، إلى أسلوب يعتمد على النوم لمدة 6 – 8 ساعات يوميًا ولكن على فترتين، حيث يستيقظ الشخص خلال الليل لبعض الوقت ثم يعود إلى النوم، يرى بعض الباحثين أن هذا النمط يعكس الطبيعة الفطرية للإنسان، حيث كان يُمارس بشكل شائع قبل ظهور المدنية الحديثة.

باحثون: قيام الليل والنوم الليلي المقسوم النمط الطبيعي للإنسان وسُنّة نبوية مطهرة

وبحسب المؤرخين، كان الإنسان القديم ينام لفترة تمتد من ثلاث إلى أربع ساعات، ثم يستيقظ لمدة ساعة أو ساعتين ليلًا قبل العودة إلى النوم مجددًا لفترة مشابهة ويتماشى هذا النمط مع الهدي النبوي الشريف، حيث ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل ثم يستيقظ لأداء صلاة قيام الليل، قبل أن يعود للنوم حتى وقت الفجر، مما يحقق التوازن بين الراحة الجسدية والروحانية.

وفي هذا الإطار، كشف البروفيسور أحمد بن سالم باهمام، أستاذ واستشاري الأمراض الصدرية وطب النوم بكلية الطب والمدينة الطبية بجامعة الملك سعود، أن نمط النوم يختلف بين الأفراد بتأثير عوامل عديدة مثل البيئة المحيطة ونظام العمل.

وأوضح “باهمام” أن هناك ثلاثة أنماط رئيسية للنوم، يشمل ذلك النوم أحادي الطور، الذي يعتمد على فترة نوم واحدة في اليوم تتراوح بين ست إلى ثماني ساعات، والنوم ثنائي الطور الذي يتضمن النوم لفترتين عادةً يكون معظمها ليلًا مع غفوة قصيرة في النهار، بالإضافة إلى النوم متعدد الأطوار الذي يحدث على فترات متعددة خلال اليوم تصل إلى أربع أو ست فترات.

وفي إجابته عن العلاقة بين قيام الليل والنوم عبر حسابه في منصة (اكس) أشار د. “باهمام” إلى أن نمط النوم ثنائي الطور، الذي يشمل قيام الليل، يتميز بجودة أفضل في النوم العميق واستقرار أكبر للنوم، مع تقليل الاستيقاظ المتكرر كما أظهرت الدراسات الحديثة أن هذا النمط يرتبط بتحسين القدرات الذهنية والعقلية، وخاصة في المساء، مقارنة بالنوم أحادي الطور.

وأضاف أن نمط النوم ثنائي الطور شائع في بعض الثقافات مثل دول حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يُعتبر صحيًا أكثر، منوهًا بأن نمط النوم الليلي المقسوم، وهو نوع من النوم ثنائي الطور يتميز بالنوم ليلًا لفترتين تتخللهما فترة استيقاظ قصيرة.

وأوضح أن بعض الباحثين يرون أن هذا النمط هو النمط الطبيعي للإنسان، حيث كان الإنسان القديم ينام ثلاث إلى أربع ساعات، ثم يستيقظ لمدة ساعة أو ساعتين قبل أن ينام مجددًا لمدة ثلاث إلى أربع ساعات.

وأشار إلى أن هذا النمط يتوافق مع الهدي النبوي في النوم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل بعد العشاء ثم يستيقظ في النصف الثاني من الليل ليقوم بعبادة قيام الليل، قبل أن يعود للنوم حتى وقت الفجر.

واستشهد بما جاء في صحيح البخاري ومسلم عن نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تحقيق التوازن بين راحة البدن والعبادة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل بعد العشاء، إذ كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، كما رواه البخاري، ثم يستيقظ في أول النصف الثاني من الليل فيقوم ثلث الليل، ثم ينام سدسه الباقي، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا.

‏وقال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: مَنْ تَدَبَّرَ نَوْمَهُ وَيَقَظَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ أَعْدَلَ نَوْمٍ، وَأَنْفَعَهُ لِلْبَدَنِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْقُوَى، فَإِنَّهُ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيَسْتَيْقِظُ فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي، فَيَقُومُ وَيَسْتَاكُ، وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، فَيَأْخُذُ الْبَدَنُ وَالْأَعْضَاءُ، وَالْقُوَى حَظَّهَا مِنَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ، وَحَظَّهَا مِنَ الرِّيَاضَةِ مَعَ وُفُورِ الْأَجْرِ، وَهَذَا غَايَةُ صَلَاحِ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وبيّن د. “باهمام” أن المؤرخ A. Roger Ekirch أشار في أبحاثه إلى أن نمط النوم الليلي المقسوم كان شائعًا في أوروبا وإفريقيا خلال القرون الوسطى، حيث استغل الناس ومنهم العلماء والشعراء فترة الاستيقاظ الليلي في أنشطة مثل الكتابة والتأمل والعبادة وحتى الأعمال الاجتماعية وهذا يعكس أن النوم الليلي المقسوم كان جزءًا من الثقافة الإنسانية عبر العصور.