أسرار الطبيعة البرية في أستراليا .. رحلة عبر جبال وصحاري “لارابينتا”

أسرار الطبيعة البرية في أستراليا .. رحلة عبر جبال وصحاري “لارابينتا”

تشتهر أستراليا بأراضيها الشاسعة وأجوائها البرية، وتعتبر واحدة من أكثر الوجهات السياحية سحرا وتنوعا. ويمكن للسياح الانطلاق في جولة تجول عبر المناظر الطبيعية الخلابة في الصحاري والأودية والجبال العالية، لاكتشاف جمال استثنائي ومعايشة تجربة فريدة من نوعها.

جبل “ماونت سوندير”

وخلال جولات التجول، يسير السياح لساعات طويلة بينما تظهر السماء من فوقهم وهي مرصعة بالنجوم، وهناك بعض السياح يصطحبون معهم حقائب ثقيلة؛ في حين أن البعض الآخر يتنقل بواسطة حقائب خفيفة لأيا عديدةم، ولكنهم يشتركون في هدف واحد؛ ألا وهو الوقوف على قمة جبل “ماونت سوندير” مع شروق الشمس.

ويعتبر تسلق الجبل خلال الليل هو المرحلة الأخيرة في هذه الرحلة الأسترالية، حيث يمتد مسار التجول الصحراوي “لارابينتا تريل” لمسافة 230 كيلومترا انطلاقا من مدينة “أليس سبرينجز” الصحراوية ويسير عبر سلسلة الجبال “ويست ماكدونيل” الواقعة في القلب الأحمر لأستراليا.

وقد تم افتتاح المرحلة الأولى من مسار التجول في عام 1990؛ ولكن الأمر استغرق حوالي 12 سنة إلى أن يتم استكمال مسار التجول بالكامل، والذي يمر عبر المحمية الطبيعية “ويست ماكدونيل”. ويعد هذا المسار من أجمل مسارات التجول في أستراليا، فضلا عن أنه يشكل واحدا من أصعب المسارات.

وعند سلسلة جبال “ماونت سوندير”، يظهر أمام السياح سهل لا نهاية له وتنتشر أشجار السنط وسط حشائش السافانا، ويتشابه منظر سلاسل التلال الحمراء بموكب حيوان المدرع.

ويرجع تاريخ هذه السلسلة إلى 800 مليون سنة، وكان ارتفاعها يصل إلى آلاف الأمتار، وكانت طبقات الحجر الرملي والحجر الجيري عبارة عن رواسب قديمة في قاع البحر الداخلي، والتي تم طيها بواسطة حركات الصفائح، وعملت الرياح والأمطار على صقل هذه الجبال.

وقد تعرف سكان المدن الكبرى على هذه السلسلة الجبلية لأول مرة في عام 1938، عندما عرض الفنان العالمي ألبرت ناماتجيرا لوحاته الفنية المرسومة بالألوان المائية في ملبورن. وأحدث هذه المعرض ضجة في الأوساط الفنية، وسرعان ما تم بيع اللوحات بالكامل.

ويمكن للسياح في نهاية المرحلة الأولى في منطقة “سيمبسونز جاب” أن يتحققوا من أن “ألبرت ناماتجيرا” لم يبالغ في وصف روعة وجمال السلسلة الجبلية، حيث تنعكس الجدران الحمراء للمضيق والجذوع الشاحبة لأشجار الأوكالبتوس في بركة المياه. وتعتبر هذه المنطقة من أشهر مواقع التصوير، التي استغلها المؤثرون على الإنترنيت لزيادة شهرة مسار التجول خلال السنوات الأخيرة.

وتظهر هذه الجولة عادة على قائمة أمنيات الكثير من الأستراليين. وتمثل الحرارة مشكلة كبيرة للكثير من السياح. ولذلك، يتعين على كل سائح حمل ما بين ثلاثة إلى أربعة لترات من الماء يوميا في حقيبة الظهر، بالإضافة إلى ضرورة ارتداء قبعة واسعة الحواف للحماية من أشعة الشمس الحارقة.

ونادرا ما يصادف السياح أماكن ظليلة أثناء السير؛ نظرا لأن الأدغال جافة وتنتشر بها شجيرات الأوكالبتوس الصغيرة، كما أن خصلات العشب الشاحبة تخترق ملابس السياح.

وردة الصحراء

وفي بعض الأحيان، تكتسي منطقة “ريد سنتر” باللون الأخضر خلال فصل الشتاء الأسترالي، حيث يشاهد السياح تفتح وردة الصحراء ستورت باللون الأرجواني. وينمو في هذه المنطقة شبه الصحراوية حوالي 600 نوع مختلف من النباتات.

وتكون الارتفاعات دائما واضحة، إلا أنه في بعض أقسام مسار التجول يتطلب الأمر من السياح بذل المزيد من الجهد. وخلال المرحلة الثالثة، يتمكن السياح من الخروج من مضيق “ستاندلي تشاسم”. وهنا يتجمع السياح فوق درجات صخرية عديدة شديدة الانحدار، والتي تعرف باسم “سنام الجمل”. وبعد ذلك، تتم مواصلة السير وسط الطبيعية الصخرية.

وتتسارع أنفاس المتجولين أثناء السير، إلا أن المشاهد الطبيعية تستحق كل هذا الجهد. وتظهر بعض النباتات ذات الجذوع البيضاء الناعمة وهي تتشبث بالجدران الصخرية الحمراء، كما تنمو نباتات السيكاديات على المنحدرات الجبلية. وتعتبر هذه النباتات دليلا على أن أستراليا كانت تتعرض في الماضي لهطول الأمطار بغزارة. وعلى حافة الطريق يشاهد السياح طيور الحمام ذات الرأس الأحمر والوجه الأزرق الفاتح.

وقد ظلت هذه المناطق النائية مجرد برارٍ أسطورية وغريبة حتى بالنسبة للأستراليين أنفسهم. وعلى طول مسار التجول، تظهر أماكن كثيرة لقبائل الأريرنت، التي عاشت هنا من آلاف السنين. وتشير لوحات المعلومات إلى الأهمية التاريخية والثقافية لمثل هذه الأماكن.

وخلال جولة التجول، يمكن للسياح النوم بشكل مريح في خيام السفاري على ضفاف أحد الأنهار الجافة والاستمتاع في المساء بعشاء مكون من أطباق عديدة حول نار المخيم. وفي حالة التجول بدون تنظيم الرحلة من شركة سياحية، فإنه يمكن النوم في كيس نوم أو على حصيرة نوم مع نهاية كل مرحلة أو المبيت في أحد مواقع التخييم العديدة المنتشرة على مسار التجول.

منطقة “جلين هيلين جور”

ولا توجد هنا حمامات للاستحمام على مسار التجول؛ ولكن تتوافر فجوات مائية، مثل منطقة “جلين هيلين جور”، وهي عبارة عن فجوة في جدار عملاق باللون الأحمر. وتمتاز هذه المنطقة بجمالها البديع، الذي يضم اللون الأزرق للبحيرة واللون الأخضر لنباتات البوص، وتبدو كأنها إحدى لوحات الفنان ألبرت ناماتجيرا.

وتبدو مياه البحيرة الطبيعية عميقة ورقراقة، وترتفع من فوقها الأبراج الصخرية. وتعتقد قبائل الأريرنت أن ثعبانا ضخما يحرس البحيرة.