نشرت مجلة “لوبوان” اليمينية الفرنسية افتتاحية، في عددها الأخير،جاءت بعنوان “درس سوري للجزائر” وبتوقيع محرر الشؤون الخارجية في المجلة لوك دي باروشي، الذي قال أن النظامين الجزائري والسوري المنهار كانا مرتبطين ارتباطًا وثيقًا. وذهب للتساؤل : هل يمكن أن يواجه نظام الجزائر نفس مصير نظام دمشق؟
وأوضح الكاتب أن “الجزائر هي واحدة من الدول القليلة التي تأسفت على الإطاحة بـ “جزار دمشق” (بشار الأسد). وأن سقوط الطاغية السوري يضعف موقفها الاستراتيجي ويغرقها أكثر في المأزق الجيوسياسي. وأنها كحليفة وفية لديكتاتورية الأسد الأب (حافظ) ثم الابن (بشار) أصبحت (الجزائر) الآن محرومة من شريك كان قريبًا وثمينًا بالنسبة لها”. وذكر الكاتب أن الجزائر “أكدت في 3 دجنبر، مرة أخرى عبر بيان رسمي “تضامنها الثابت” مع “الدولة الشقيقة”.
وكشف الكاتب أن “الطيور على أشكالها تقع: تمامًا مثل النظام السوري السابق، يغوص نظام الجزائر في جذوره في الأيديولوجية القومية العربية لجمال عبد الناصر، الاشتراكية والمعادية للغرب.
وقد كان كلا البلدين تحت السيطرة الفرنسية، سوريا في فترة الانتداب (1920 ـ 1946) والجزائر خلال فترة الاستعمار (1830 ـ 1962)، لكن هذا لم يكن ما قربهما أكثر. فابتداءً من استيلاء حافظ الأسد على السلطة في دمشق عام 1970 وحتى 8 دجنبر 2024، تشارك النظامان بشكل أساسي في نفس التنظيم العسكري ـ السياسي القائم على الجيش وأجهزة المخابرات، نفس الأسلوب المفترس، نفس القمع لجميع الأصوات المعارضة ـ على غرار الكاتب الفرنسي ـ الجزائري بوعلام صنصال، الذي سُجن منذ 16 نونبر بأمر من السلطة الجزائرية ـ ونفس الحليف والمورد الرئيسي للأسلحة، الاتحاد السوفييتي ثم روسيا، والذي انضمت إليه إيران بعد الثورة الإسلامية”.
ومضى الكاتب ليقول إن: “الجزائر ودمشق أظهرتا أيضًا باستمرار نفس الهوس المعادي لإسرائيل بشراسة. ومنذ أواخر السبعينيات، كان البلدان أعمدة “جبهة الرفض” التي أدانت السلام بين مصر وإسرائيل باسم “التضامن” مع الشعب الفلسطيني. وفي 7 أكتوبر 2023، رفضا إدانة حماس بسبب مجازرها، التي برروها باسم حق الفلسطينيين في محاربة “الاحتلال الصهيوني”.
ويضيف الكاتب “مع ذلك، فإن التعاطف مع الفلسطينيين متغير. فمنذ انتفاضة عام 2011 في سوريا، راهنت الجزائر بلا هوادة على نظام دمشق، الذي عذب معارضيه بشكل فظيع، وقصف مواطنيه بالأسلحة الكيميائية، وارتكب العديد من المجازر، بما في ذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين في حي اليرموك جنوب دمشق. وهذه الأفعال لم تمنع الجزائر من التصويت داخل الجامعة العربية ضد طرد سوريا ثم النضال من أجل إعادة إدماجها، حتى حصلت على مبتغاها في عام 2023”.
وأضاف الكاتب: “استخدمت الجزائر بدورها ذريعة الحفاظ على الاستقرار لقمع الحراك المؤيد للديمقراطية الذي نزل فيه ملايين الجزائريين إلى الشوارع، بدءًا من فبراير 2019، للمطالبة بإقالة الرئيس بوتفليقة. للأسف، خليفته، الرئيس تبون، هو أكثر من مجرد رهينة راضية للنخبة العسكرية التي يقودها رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول سعيد شنقريحة، البالغ من العمر 79 عامًا. والضباط الكبار، الذين يسيطرون على اقتصاد البلاد ومواردها النفطية والغازية، والذين ارتجفوا خلال الحراك، وهم يعتزمون تجنب أي خيبات مستقبلية من خلال خنق أي معارضة في مهدها”.
وأكد الكاتب أن “كل هذه الصفعات للجزائر تتواصل، فيما سوريا، من جهتها، لطالما دعمت الحركة الاستقلالية المؤيدة من قبل الجزائر في الصحراء المغربية “جبهة البوليساريو” فإن مقاتلي الجبهة قد حاربوا حتى المعارضة في سوريا إلى جانب قوات الأسد وحزب الله اللبناني”.
واعتبر كاتب “لوبوان” أن “فرار طاغية دمشق إلى موسكو لم يزد فقط من عزل الجزائر دبلوماسياً. بل ذكر الجزائر أيضًا أن الديكتاتوريات ليست أبدية، وأنه يأتي دائمًا وقت ينهار فيه الطغيان. كما أظهر أن دعم روسيا وإيران ليس بأي حال من الأحوال ضمانًا قويًا للأمان”.