هل النار مخلوقة الآن؟ وهل الكفار يخلدون فيها؟
في إطار العقيدة الإسلامية، يثير البعض تساؤلات حول وجود النار والجنة منذ بداية الخلق، وهل هي مخلوقة الآن أم لا؟ كما يظل موضوع الخلود في النار بالنسبة للكفار محل نقاش وفهم في الإسلام. وقد وردت في القرآن الكريم والحديث الشريف إشارات واضحة حول وجود النار والجنة منذ الأزل، كما أقر العلماء في تفسيرهم لهذه المسائل، مشيرين إلى أن النار والجنة موجودتان بالفعل الآن، وأن مصير الكافرين سيكون الخلود في النار.
وسنتناول هذه القضية وفقًا للمفاهيم الإسلامية الصحيحة، مع دعمها بالأدلة الشرعية، حسب ما جاء في موقع دار الإفتاء.
هل النار موجودة الآن؟
وفقًا للعقيدة الإسلامية التي يتبناها أهل السنة والجماعة، فإن النار والجنة مخلوقتان الآن، أي أنهما موجودتان بالفعل منذ وقت بعيد، قبل خلق آدم وحواء. وهذا يتفق مع ما ذكره الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله في كتابه “مقالات الإسلاميين” حيث قال: “ويقرون أن الجنة والنار مخلوقتان”، مؤكدًا أن هذا هو رأي أهل السنة والجماعة، بينما كان بعض الفرق الأخرى ينكرون ذلك. (مقالات الإسلاميين، ص/296).
وقد ثبتت هذه الحقيقة في القرآن الكريم، حيث ذكر الله تعالى في كتابه الكريم في قوله: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (البقرة/35)، وهو دليل على وجود الجنة منذ خلق آدم. كما أن العديد من الأحاديث النبوية الشريفة تدل على أن النار والجنة موجودتان حاليًا، ومنها ما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: “إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ” (متفق عليه). وهذه النصوص تؤكد بوضوح أن النار والجنة موجودتان منذ الأزل، وتقدران الاستمرار إلى يوم القيامة.
هل يخلد الكفار في النار؟
وفيما يتعلق بمصير الكافرين، فإن القرآن الكريم قد بين بشكل قاطع أن الكافرين سيكون مصيرهم الخلود في النار، وهي سعيرٌ لا تهدأ ولا تخمد. حيث قال الله تعالى في سورة الأحزاب: “إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا. خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا” (الأحزاب/64-65).
وقد اتفق العلماء على أن الخلود في النار هو مصير الكافرين، وقد ورد هذا الإجماع في العديد من التفاسير والكتب الإسلامية التي تشرح أن الكفار، بسبب كفرهم وإنكارهم لربهم، سيعيشون في النار أبدًا، ولن يجدوا مخلصًا أو نجاة من هذا العذاب. ليس هناك تراجع عن هذا الحكم إلا إذا شاء الله ذلك في مشيئته الخاصة، ولكن المبدأ العام في الإسلام هو أن الكفار يخلدون في النار.
الحكمة في الخلود
لماذا يُقدّر للكفار أن يخلدوا في النار؟ يعود ذلك إلى حكم الله عز وجل، حيث أن الكفر والإصرار عليه يتطلب العقوبة الأبدية. كما قال الله تعالى في سورة الأنعام: “وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ” (الأنعام/28). فلو كان الكفار يعيشون في الدنيا خالدين، لاستمروا في كفرهم، ولكن الله في حكمته قضى بأن يكون جزاؤهم في الآخرة هو الخلود في النار.