كامل المعمري: ‏كيف تسبب الهجوم اليمني على حاملة الطائرات “ترومان” في إسقاط طائرة إف-18 أمريكية؟

كامل المعمري: ‏كيف تسبب الهجوم اليمني على حاملة الطائرات “ترومان” في إسقاط طائرة إف-18 أمريكية؟

كامل المعمري: ‏كيف تسبب الهجوم اليمني على حاملة الطائرات “ترومان” في إسقاط طائرة إف-18 أمريكية؟

 
 
كامل المعمري
بينما كانت القوات الأمريكية تستعد لتنفيذ هجوم جوي واسع النطاق على اليمن، تمكّن الجيش اليمني من استغلال الثغرات في دفاعات العدو، مما أدى إلى إفشال الهجوم وخلق فوضى في صفوف القوات المعتدية. استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة وتحليل تكتيكي محكم، قام الجيش اليمني بهجوم مضاد مفاجئ باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ مجنحة، ما أربك القوات الأمريكية ودفعها إلى ارتكاب أخطاء تكتيكية كارثية، مثل إسقاط طائرة إف-18 أمريكية عن طريق الخطأ..
كيف حدث ذلك؟
في سيناريو عملية الاشتباك، كان الوضع على النحو التالي القوات الأمريكية كانت تستعد لشن هجوم جوي واسع النطاق على اليمن، باستخدام طائرات حربية متطورة انطلقت من حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” والمدمرات المرافقة لها.
في هذا السياق، كانت الدفاعات الأمريكية تقوم بإغلاق أنظمة الرادار المؤقتة كإجراء احترازي لتجنب التعرف الخاطئ على الطائرات الصديقة، وهذا الإجراء كان يهدف إلى تسهيل تحديد الأهداف المعادية أثناء العمليات الجوية وهو برتوكول عسكري متبع عند تنفيذ مثل هذه العمليات خصوصا في حال تنفيذ عملية في منطقة عدائية، حيث يتم إطفاء الرادارات أو تقليل استخدامها لتجنب كشف موقع الحاملة عبر الأنظمة المضادة.
في الوقت نفسه، كانت القيادة العسكرية اليمنية قد راقبت تحركات العدو ودرست خطط الهجوم الأمريكي بدقة، وتمكنت من تحديد الوقت المثالي لتنفيذ هجوم مضاد في اللحظة التي كان فيها العدو ينفذ الهجوم الجوي، وبسبب إغلاق بعض الرادارات والضغوط الناجمة عن التحضير للهجوم الواسع، استغل الجيش اليمني هذا الموقف ونفذ هجوما متزامنا باستخدام 17طائرة مسيرة و8 صواريخ مجنحة.
الهجوم اليمني كان مباغتا وفي توقيت حرج، حيث هاجمت الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة الأهداف الأمريكية في البحر من عدة اتجاهات وبسرعة، مما أربك الدفاعات الجوية الأمريكية.
في نفس الوقت، كانت احدى المدمرة الأمريكية مشغولة بتأمين الهجوم الجوي الذي كان يُنفذ فوق اليمن، ما جعلها تتعامل مع تهديدات متزامنة.
أثناء التصدي للهجوم، وفي ظل حالة الفوضى والإرباك التي تسبب بها الهجوم اليمني، وبالتزامن مع عودة الطائرة الامريكية f18 وبينما هي تحلق فوق الاجواء البحرية.
كانت إحدى المدمرات الأمريكية التي تحمل اسم “يو إس إس جيتيسبيرج”قد أخطأت في تصنيف هدف الطائرة على أنها طائرة معادية، بسبب الفوضى الناجمة عن الاشتباك مع الطائرات المسيرة والصواريخ تم إطلاق الصواريخ على الطائرة الأمريكية، وتم إسقاطها بشكل غير متعمد من قبل المدمرة الأمريكية. 
وهذا يعني ان حاملة الطائرات والمدمرات المرافقة لها كانت تحت ضغط بيئة قتالية مشبعة بالتهديدات حيث تحتاج إلى تحديد التهديدات المعادية بسرعة بينما تكون الطائرة الصديقة في طريق العودة، مما يضع الأنظمة الدفاعية في موقف حساس للغاية.
 كما ان الهجوم المكثف بالصواريخ والطائرات المسيرة، المصحوب بالتشويش الالكتروني وضغط الوقت يؤدي إلى صعوبة كبيرة في التمييز بين الطائرات الصديقة والمعادية وفي مثل هذه الظروف المعقدة، حتى الأنظمة الدفاعية المتقدمة قد تواجه صعوبة في اتخاذ قرار دقيق في الوقت المحدد، مما قد يؤدي إلى حدوث خطأ قاتل في تحديد الهوية.
وعلى الرغم من وجود بروتوكولات دقيقة لمنع مثل هذه الأخطاء، إلا أن سرعة الأحداث وضغط الهجوم ايضا التكتيك اليمني الذي اغرق الدفاعات الجوية بالعمليات الهجومية المتتابعة والمتزامنة جعلت الأنظمة الدفاعية مثقلة باتخاذ قرارات سريعة في ظل ظروف تشويش إلكتروني وضغط عملياتي هائل وهو ما ادى الى قيام احدى المدمرات باسقاط الطائرة.
من خلال تزامن الهجوم اليمني على الحاملة مع عودة الطائرةf18، يمكن القول إن اليمنيين قد طبقوا استراتيجية تهدف إلى إرباك الأنظمة الدفاعية وجعل من الصعب التمييز بين الطائرات الصديقة والمعادية في تلك اللحظة الحرجة. هذا النوع من التكتيك يعكس مستوى من الذكاء الاستراتيجي والتخطيط المدروس، ويُظهر قدرة على الاستفادة من نقاط الضعف في الدفاعات الجوية للعدو في وقت محدد.
قد يقول قائل بأن ماحدث كان صدفة وليس بتخطيط محكم من قبل الجيش اليمني لكن يفند هذا القول تغريدة للسيد محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الاعلى في مارس 2024 نشرها على حسابة في منصة اكس قال فيها بان الجيش اليمني يعلم بالثغرات التي يمكنه استغلالها بالمزامنة اثناء الاقلاع والهبوط للطائرات المتواجدة على البارجات الامريكية بل ونصح الامريكيين باصدار قرار بعدم الاقلاع هذا التصريح يحمل علاقة مباشرة بالعملية العسكرية الاخيرة التي حدثت ضد القوات الأمريكية، في البحر الاحمر ويشير إلى فطنة القوات المسلحة اليمنية في استثمار نقاط الضعف التكتيكية للعدو.
اذا يمكن القول ان الهجوم اليمني لم يكن مجرد رد دفاعي، بل كان عملية هجومية استهدفت إحداث ارباك في دفاعات العدو، وتمكنت من استغلال الثغرات في الإجراءات الدفاعية الأمريكية، مما أسفر عن تدمير طائرة صديقة وإفشال الهجوم الجوي الأمريكي.
علاوة على ذلك فان الهجوم اليمني باستخدام ثمانية صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيرة كان بمثابة عملية تكتيكية مدروسة بعناية التوقيت المتزامن مع الهجوم الجوي الأمريكي ادى الى زيادة الضغط على دفاعات العدو ما أدى إلى اختلال في التنسيق العملياتي، ووقوع حادثة غير مسبوقة تمثلت في إسقاط مدمرة أمريكية لطائرة إف-18 هذه العملية أثبت قدرة اليمنيين على التشويش  على أنظمة تحديد الهوية الذاتية للطائرة ، مما أدى إلى تصنيف الطائرة الصديقة كهدف معاد بالنسبة للمدمرة وهو إنجاز يعكس تطورا في تقنيات الحرب الإلكترونية أو فهما عميقا لسلوك الأنظمة الدفاعية الأمريكية.
الهجوم اليمني المكثف ادى الى إجبار حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” على الانسحاب شمالا نحو المياه الدولية بعد تعرضها لأضرار وهذا يعني أن القوات اليمنية لم تكتفِ بإرباك الدفاعات، بل كانت قادرة على توجيه ضربات مؤثرة على هدف بحري استراتيجي بهذا الحجم.
ما حدث لا يقتصر على كونه نجاحا تكتيكيا فحسب، بل يحمل أبعادا استراتيجية وسياسية وعسكرية عميقة. لان هذه العملية أظهرت ضعفا في القدرة الأمريكية والبريطانية على حماية وحداتها القتالية في مواجهة خصم يعتمد على استراتيجيات غير تقليدية كما أنها تبعث برسالة واضحة مفادها أن أي عدوان على اليمن لن يمر دون رد، وأن القوات اليمنية أصبحت قادرة على ضرب أهداف حساسة على مستوى عال من التعقيد.
 اضافة لذلك فإن الجيش اليمني استغل هذه الفجوة بشكل ذكي جدا وبدلا من الهجوم التقليدي أو الرد المباشر على الضربات الجوية، اختار اليمنيون توقيتا مثاليا للقيام بهجوم متزامن باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ مجنحة هذا الهجوم جاء فجأة وبقوة كبيرة، ما أربك الدفاعات الأمريكية وجعلها تواجه تهديدات متعددة في وقت واحد من جهات مختلفة. الأهم من ذلك، أن الهجوم اليمني تزامن مع اللحظة التي كانت فيها الدفاعات الأمريكية مشغولة بتأمين الهجوم الجوي الخاص بها، مما جعلها أقل قدرة على التعامل مع الهجمات اليمنية وافقدها القدرة على عدم التمييز بين الاهداف المعادية والصديقة.
 في الختام، يُظهر الهجوم اليمني على حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” تزايد الصعوبات والتحديات التي تواجهها البحرية الأمريكية في منطقة البحر الأحمر وهذا ليس الهجوم الأول من نوعه، بل يأتي بعد عمليتين هجوميتين قام بهما الجيش اليمني ضد حاملتي الطائرات “أيزنهاور” و”روزفلت” خلال الاشهر القليلة الماضية ادت الى وقوع اضرار فيهما واجبرتا على مغادرة مسرح العمليات البحرية الأمر الذي يجعل من الصعب على القوات الأمريكية تأمين وحداتها البحرية ضد الهجمات  كون العمليات المتتالية للجيش اليمني والتي تنفذ بذكاء تكشف عن قلة قدرة البحرية الأمريكية على التكيف مع الأساليب التكتيكية المتطورة التي يعتمد عليها اليمنيون مما يضعها في موقف حرج للغاية خاصة مع تزايد الضغوط في دوائر القرار الأمريكي التي تسعى لإيجاد حلول لمواجهة هذه التحديات المتصاعدة.
صحفي يمني متخصص في الشأن العسكري
mamarikr@gmail.com

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم:

close