تنزلق الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة نحو مزيد من التدهور والفوضى، حيث تستغل العصابات المسلحة حالة الفراغ الأمني وانتشار الجوع لنهب المساعدات الإنسانية الموجهة للسكان المدنيين، ففي ظل قيود الاحتلال الإسرائيلي على دخول المساعدات وحركة الشاحنات، وتداعيات الحرب الأخيرة، باتت شاحنات الإغاثة هدفًا سهلًا لهذه العصابات التي تعيث فسادًا في القطاع.
تصاعد ملحوظ
وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في عمليات نهب المساعدات، حيث تُنصب الكمائن لقوافل الإغاثة وسرقة محتوياتها، مما يحرم آلاف المحتاجين من الغذاء والدواء والموارد الأساسية الأخرى، وهذه العمليات لا تزيد من معاناة السكان فحسب، بل تُعرّض أيضًا حياة عمال الإغاثة للخطر وتعيق جهود المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدة، وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وحازم إسماعيل سائق الشاحنة الفلسطيني، شاهد على هذه الفوضى، حيث روى كيف تعرض لكمين مسلح وسُرقت شحنته من الدقيق المخصصة لإطعام الجوعى، هذه الحادثة، التي نُهبت خلالها شحنة تضم نحو 100 شاحنة تابعة للأمم المتحدة، تُعدّ واحدة من أسوأ حوادث النهب، التي شهدتها غزة مؤخرًا، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
ويُشير الوضع الحالي إلى وجود فراغ سلطة حقيقي في أجزاء من جنوب غزة، وهذا الفراغ استغلته العصابات المسلحة، التي تسيطر على بعض المناطق وتفرض قوانينها الخاصة، مما يجعل من الصعب على المنظمات الإنسانية العمل بأمان وتقديم المساعدات.
تُؤكد شهادات السكان المحليين وعمال الإغاثة أن هذه العصابات باتت تُسيطر على طرق الإمداد وتفرض إتاوات على الشاحنات، وفي بعض الحالات تقوم بسرقة الشحنات بالكامل، هذا الوضع يُعيق بشكل كبير وصول المساعدات إلى مستحقيها ويُفاقم من الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وضع خطير
وتؤكد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” خطورة الوضع، حيث أعلنت مؤخرًا توقفها عن تسليم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، المعبر الحدودي الرئيسي بين “إسرائيل” وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. هذا القرار يُعدّ مؤشرًا خطيرًا على مدى تدهور الوضع الأمني في القطاع.
ويُضاف إلى مشكلة النهب، القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات وحركة الشاحنات بين شمال وجنوب القطاع، وهذه القيود تُعيق بشكل كبير تدفق المساعدات وتُفاقم من نقص الغذاء والدواء والموارد الأساسية الأخرى.
ويُعاني سكان غزة من ظروف معيشية قاسية نتيجة للحرب والقيود المفروضة، حيث ينتشر الفقر والبطالة ونقص الخدمات الأساسية. نهب المساعدات يزيد من حدة هذه المعاناة ويُهدد بوقوع كارثة إنسانية شاملة.
وتُشير التقارير إلى أن الوضع الإنساني في غزة بات حرجًا للغاية، حيث يُواجه السكان خطر المجاعة وانتشار الأمراض، كما أن نهب المساعدات يُعيق جهود الإغاثة ويُؤدي إلى تفاقم الأزمة، مما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا لوقف هذا التدهور.
ويُلقي الوضع الحالي بمسؤولية كبيرة على عاتق المجتمع الدولي للتدخل العاجل وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة لسكان غزة، ويجب الضغط على جميع الأطراف المعنية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتوفير الأمن اللازم لعمل المنظمات الإنسانية.
ويجب على المجتمع الدولي أيضًا العمل على رفع القيود الإسرائيلية المفروضة على غزة، والتي تُعيق حركة الأفراد والبضائع وتُفاقم من الأزمة الإنسانية. يجب إيجاد حلول جذرية تضمن توفير حياة كريمة لسكان القطاع.