مالت توقعات المحللين لتثبيت البنك المركزى أسعار الفائدة فى آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية خلال العام الحالى والمقرر عقده نهاية الأسبوع رغم تباطؤ التضخم مؤخرًا، والذى يرى المحللون أنه يجب التعامل معه بحذر.
وتراجع معدل التضخم السنوى فى مصر إلى 25% خلال نوفمبر الماضي، مقابل 26.3% فى أكتوبر، فيما انخفض المعدل الشهرى -0.1% فى نوفمبر عن أكتوبر، بحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
متولى: البنك لن يبدأ خفض الفائدة قبل تراجع التضخم دون 20%
وقال على متولى، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى إحدى شركات الاستشارات فى لندن، إن قرار المركزى بتخفيض أسعار الفائدة يعد مشروطًا باستمرار تراجع التضخم دون مستوى 20%.
وتوقع أن يكون الخفض الأول خلال النصف الأول من العام المقبل، وأن يراقب البنك المركزى تحركات سعر الصرف أيضًا التى ستلعب دورًا فى قراره.
واستبعدت شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز”، خفض الفائدة فى مصر قبل نهاية العام الجاري، متوقعة أن تنخفض بمعدل 9% خلال 2025، بدلًا من 12% فى توقعاتها السابقة، وفق تقرير حصلت “البورصة” على نسخة منه.
وتوقع بنك الاستثمار الأمريكى “مورجان ستانلي”، إبقاء البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوياتها، حتى فبراير 2025، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرج.
ورجح أن يُفضل “المركزي” تخفيض أسعار الفائدة بشكل تدريجى خلال العام المقبل، للحد من مخاطر التضخم وسعر الصرف، لتصل إلى 17.25% بحلول ديسمبر 2025، أى تنخفض بنحو 10% مع استقرار التضخم حول 14% على أساس سنوى العام المقبل.
هل تحتاج البنوك لرفع الفائدة مع استحقاق شهادات الـ27%؟
ورجح عمرو الألفى رئيس استراتيجيات الأسهم فى شركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، ألا يُخفض البنك أسعار الفائدة، إلا مع الربع الأول من 2025، بنسبة متوقعة 2%، مستندًا على توقعاته بأن يُسجل متوسط التضخم خلال 2025، نحو 19%.
وقالت دينا الوقاد، محللة الاقتصاد الكلي، إنه على الرغم من تباطؤ التضخم خلال نوفمبر الماضي، إلا أن معدلاته ما زالت مرتفعة، ما يدفع للإبقاء على أسعار الفائدة الحالية خلال الاجتماع المقبل.
وتابعت: “فى حال واصل التضخم التباطؤ خلال 2025، مع استقرار سعر الصرف، قد يتجه المركزى إلى تخفيف السياسة النقدية تدريجيًا خلال الربع الأول من العام”.
وكانت مصر اتفقت مع صندوق النقد على ضرورة استمرار تشديد السياسة النقدية على المدى القصير، لكبح التضخم.
وبلغ معدل التضخم الأساسى ذروته فى فبراير الماضي، مُسجلًا نحو 35.12%، بحسب بيانات البنك المركزي.
فيما توقع محمد أبوباشا، كبير محللى الاقتصاد فى “إى إف جى القابضة”، تثبيت المركزى لأسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، مشيرًا إلى أن معدلات التضخم حاليا تعد بعيدة عن المستهدف.
ويستهدف البنك المركزى خفض التضخم لمستويات بين 5 و9%، لكنه لم يعلن الموعد المستهدف لتحقيق ذلك.
البنوك تركز على تزويد موظفيها بمهارات تقنية وتدريبات على الرقمنة
ويتوقع مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، تثبيت المركزى لمعدلات الفائدة هو الأرجح، متوقعًا استمرار ذلك حتى الربع الأول 2025، نتيجة تحريك سعر الصرف وما له من أثر على التسعير فى مختلف القطاعات والصناعات.
وأوضح أن زيادة سعر الدولار، حتى وإن كانت طفيفة، لها تأثيرات على تكلفة الإنتاج لا سيما أسعار السلع والخدمات، والتى من المحتمل أن يكون لها تداعيات على معدلات التضخم فى الفترة القليلة المقبلة.
وقال إنه نتيجة لارتباط معدلات الفائدة على أدوات الدين، بمعدل العائد على الكوريدور، فإن تخفيض الفائدة فى الوقت الراهن غير مرجح، خشية من الخروج المفاجئ للأموال الساخنة وما ينجم عنه، بحسب شفيع.
وكانت موجة خروج محدودة من أسواق الدين قد بدأت فى نوفمبر الماضى واستمرت حتى الأسبوع الثانى من ديسمبر قبل أن يشهد الأسبوع الثالث صافى تدفق للداخل بقيمة 418 مليون دولار.
ويتوقع شفيع أن يبدأ البنك المركزى الخفض خلال مارس 2025، على أمل أن يستقر سعر الصرف وتعكس الفائدة المرتفعة الحالية إيجابياتها على معدلات التضخم.
بدير: التضخم فى طريقه للانخفاض لكن “المركزى” يفضل الحذر
وقالت منى بدير، محلل مستقل، إنه على مدار الأسابيع القليلة الماضية، شهدت مصر تطورات اقتصادية هامة أثرت بشكل كبير على آفاق الاقتصاد الكلي.
وذكرت أن تباطؤ التضخم فى نوفمبر يدعم رؤيتها بأن التضخم فى طريقه للانخفاض التدريجي، مع انخفاضات أكثر وضوحًا متوقعة بحلول فبراير 2025.
وقالت إن تضخم الغذاء سجل انخفاضًا ملحوظًا ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2022، مدفوعًا بتراجع الضغوط على العناصر الأساسية مثل اللحوم والسكر والبيض ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى العوامل الموسمية التى عادةً ما تخفض أسعار الخضروات فى الأشهر الأخيرة من العام.
وأشارت إلى أن تضخم الغذاء عاد إلى مساره الطبيعي، فى المقابل، يعكس تضخم غير الغذاء التأثير المتأخر لزيادات أسعار الوقود فى أكتوبر وارتفاع أسعار التبغ، كما أن هناك استقرارًا ملحوظًا فى سلة الخدمات الطبية، مما يشير إلى اقتراب نهاية التعديلات التدريجية فى هذه الفئة.
ولفتت إلى أنه بالرغم من توقع انخفاض قيمة الجنيه، إلا أن الحجم والسرعة لم يأتيا وفقًا للتوقعات.
القطاع العقارى يترقب خفض الفائدة للتوسع فى مشروعات جديدة
وأرجعت الضغوط الحالية إلى خروج استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية بسبب إغلاق المستثمرين لمراكزهم بنهاية العام، بالإضافة إلى ذلك، فإن تأخر التدفقات المتوقعة، مثل الاستثمارات السعودية والشريحة الرابعة من برنامج صندوق النقد الدولي، زادت من الضغط. كما أن التزامات خدمة الدين تزيد من تعقيد المشهد.
ونوهت إلى أن العائدات الأخيرة على أذون الخزانة تكشف عن منحنى عائد لا يزال مقلوب، حيث تكون العائدات قصيرة الأجل أعلى بكثير من العائدات متوسطة وطويلة الأجل.
أوضحت ان هذا يشير إلى ارتفاع علاوات المخاطر على المدى القريب، نتيجة الضغوط الخارجية مثل تقلبات أسعار الصرف وارتفاع خدمة الدين، وتسعير المستثمرين انخفاضًا كبيرًا فى أسعار الفائدة بحلول منتصف عام 2025، تماشيًا مع توقعات اعتدال التضخم واتجاهات التيسير النقدي.
وقالت إن التحركات تتسق مع توقعاتهم بخفض كبير فى اسعار الفائدة بداء من الربع الاول من العام القادم وليس بداء من الاجتماع القادم.
مؤشر بزنس نيوز.. كيف نمت محافظ القروض البنكية فى بيئة الفائدة المرتفعة؟
قال مدير فى إدارة الأصول بأحد بنوك الاستثمار، إن توجهات الفيدرالى الأمريكى الأخيرة نحو خفض أقل لأسعار الفائدة، سيكون لها انعكاساتها على البنوك المركزية فى كل الأسواق الناشئة وبينها مصر.
أوضح أن ذلك الاتجاه دعم الدولار الأكثر فى مواجهة عملات الأسواق الناشئة ومارس عليها ضغوطًا دفعت البنوك المركزية فى تلك الأسواق فى بدء وقف دورة التيسير النقدى وبعضهم مثل البرازيل تحرك نحو التشديد النقدى مجددًا، فى ظل أن انخفاض عملاتهم يؤجج التضخم من جديد.
ورغم خفض الفيدرالى الأمريكى أسعار الفائدة الخميس لكن توقعاته الاقتصادية أشارت إلى خفض مقداره 0.5% فى 2025، فى ظل ترجيحه مستويات أعلى للتضخم والنمو فى 2024 و2025.
لكنه ذكر أن خفض الفائدة العام المقبل قادم لا محالة لأن مستويات الفائدة الحالية لا يمكن الإبقاء عليها بأى صورة من الصور، كما أن هناك مستهدفات مثل برنامج الطروحات، ودعم القطاع الخاص وتحقيق قدر معين للنمو يتماشى مع استراتيجية خفض الدين.
واستبعد أن يؤدى ذلك لموجة خروج من استثمارات الأجانب فى الدين الحكومى فى ظل أن السوق بالفعل يسعرها ويتوقعها.
وقال هانى جنينة، محاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة فى منشور على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” إن تسعير أذون الخزانة فى الوقت الحالى يشير إلى توقع السوق خفض أسعار الفائدة من 8% إلى 9% بحلول يونيو 2025.