الكيان يُقِّر بفشله وأمريكا وبريطانيا بردع (أنصار الله).. إسرائيل تبحث عن حلولٍ لـ “تأديب” (الولد المشاكس) لمُواصلته ضرب العمق الإسرائيليّ بنجاحٍ واقتراحات بتصفية قادة الحركة لمنعها السفن المُتوجهة للكيان عبور باب المندب
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
على الرغم من الـ “نجاحات” التي تزعم إسرائيل أنّها سجّلتها في معركتها ضدّ حركة (أنصار الله) في اليمن، يُواصِل صُنّاع القرار في الكيان تحديد الآلية والكيفيّة لمواجهة تهديدات الحركة، التي باتت تُسّمى في دولة الاحتلال بالولد المشاغب لإصرارها على الاستمرار في ضرب العمق الإسرائيليّ بالصواريخ والمسيّرات وبنجاحٍ تعترف فيه تل أبيب أيضًا.
ويُستشف من تحليلات الخبراء الإسرائيليين أنّ أكثر الإجابات تداولاً بأنّ ردع الكيان بالإضافة إلى الغربيّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ الأمريكيّ والبريطانيّ ليس فعّالاً، بالنظر إلى أنّ الهجمات العسكرية التي شُنّت إلى الآن، سواء الأمريكيّة – البريطانيّة أوْ تلك الإسرائيليّة، لا يبدو أنّها قادرة على دفع الحركة إلى الانكفاء.
ومن المفيد التذكير بأنّ اليمن كانت قد اتّخذت قرارًا مبكرًا بفتح جبهة مسانِدة لغزة، وهو ما جرى تنفيذه على مراحل ونبضات، بدءًا من منع السفن التجارية المتوجهة إلى موانئ إسرائيل من عبور مضيق باب المندب، مرورًا باعتراض السفن المتوجهة إلى إسرائيل، وإنْ لم تسلك المضيق، أيْ التي تبحر في خليج عدن وبحر العرب والمحيط عمومًا، وصولاً إلى استهداف تل أبيب ومركز الكيان بالطائرات المسيّرة الانقضاضية والصواريخ الباليستية على اختلافها.
وعلى الرغم من أنّ قادة الكيان يتبجّحون بالنجاحات التي تحقّقت عبر الهجمات الثلاث التي شنّها سلاح الجو الإسرائيليّ على اليمن، إلّا أن المسلّم به لدى المعلقين وكبار الكتّاب والمراكز البحثية العبرية، هو أنّ ما جرى لا يردع (أنصار الله)، بل إنّ ردع الحركة غير ممكن من جانب إسرائيل أوْ غيرها؛ ذلك إنّه كلّما ارتفعت وتيرة الهجمات، اندفعت صنعاء أكثر إلى مهاجمة تل أبيب، كما إلى مواصلة اعتراض ومنع عبور السفن والحاويات منها وإليها.
ويعترف خبراء إسرائيليون بأنّ الوسائل الناجعة لتحييد ذلك التهديد ليست الضربات المعمول بها حاليًا، والتي سيجرّ تصعيدها ردًّا أكثر فاعلية وإيذاء من جانب اليمن، فيما الخسائر التي تتلقّاها صنعاء لن تؤثر كثيرًا في تغيير النتيجة، وهو ما قد يكاد يكون مجمَعًا عليه في تل أبيب.
وعليه، ثمة حلول بديلة مطروحة على طاولة البحث الإسرائيلية، لكنها غير مكتملة، من بينها استهداف القيادات اليمنية والوسائل القتالية ومراكز تصنيع السلاح وتخزينه والكوادر ذات الخبرة في التصنيع والإنتاج، مع استهداف ممنهج لمراكز القوّة الاقتصادية والموانئ ومنشآت الطاقة على اختلافها.
ويضاف إلى ما تقدّم ضرب صنعاء نفسها كمدينة ثقل لـ “أنصار الله”، على أنْ ينسحب ذلك على مدينة صعدة نفسها لدلالاتها في الوعي العام اليمني، وبما يمهّد لدفع اليمنيين الذين يعارضون الحركة إلى الزحف في اتجاه الشمال وإسقاط حكومتها، مثلما حدث أخيرًا في الساحة السورية.
وللتدليل على ما جاء أعلاه، قال المحلل داني سترينوفيتش في صحيفة (معاريف) العبريّة: “أثبتت أحداث الأيام الماضية عدم صحة اعتقاد أنّ الضربات المتفرقة ضد البنى التحتية التابعة للحوثيين ستردع هذا التنظيم الإرهابيّ وتوقف قصفه على إسرائيل”.
وتابع: “بعد مرور 14 شهرًا، من الواضح أنّ الإستراتيجية الحالية لدولة إسرائيل لم تنجح في إحداث التغيير المطلوب الذي سيؤدي إلى وقف إطلاق النار من اليمن. وحدها المعركة المستمرة والمتواصلة بالتعاون مع الائتلاف الدوليّ بقيادة الولايات المتحدة وضرْب قيادة التنظيم وقدرته على إنتاج الصواريخ التي لديه وإطلاقها يمكنهما أنْ يُغيّرا الوضع بشكلٍ جذريٍّ. وفي نظرة إلى المستقبل، يجب أنْ نوظف كلّ الموارد المطلوبة في العمل على إسقاط حُكم الحوثيين في اليمن”.
وأردف المحلل: “مما لا شك فيه أن مَن يتابع تنظيم الحوثيين الإرهابيّ في الأشهر الأخيرة، فوجئ بأنّه على الرغم من الهجمات الإسرائيليّة الثلاثة ضد مواقع بنى تحتية للتنظيم في صنعاء والحديدة، فقد أُطلق صاروخ على غوش دان في نهاية الأسبوع لم تعترضه المنظومة الدفاعية للجيش الإسرائيليّ. وإنّ غارات كتلك السابقة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيليّ على مرفأ الحديدة ومنشآت تخزين النفط القريبة من المرفأ في الأشهر الأخيرة لم تردع الحوثيين من الاستمرار في مهاجمة إسرائيل والسفن التي تتجه نحو إسرائيل عبر مضيق باب المندب.”
وخلُص إلى القول إنّه “بعد مرور 14 شهرًا من المواجهة المباشرة بين الحوثيين وإسرائيل، يتعيّن على إسرائيل أنْ تعترف بأنّها فشلت في أنْ تفرض على الحوثيين وقف النار، ومرفأ إيلات المهجور واستمرار إطلاق المسيّرات من اليمن والصواريخ على إسرائيل، بما في ذلك غوش دان وليس فقط إيلات، كله يشكّل دليلاً على هذا الفشل. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الحوثيين لم يضعفوا، إنما يعتبرون أنفسهم أنّهم لم يخضعوا لإسرائيل أوْ لهجمات الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضدهم، وأنّهم ما زالوا يحتفظون بموقع في محور المقاومة، وهو ما يجعلهم طرفًا إقليميًا لا يمكن تجاهله”، على حدّ تعبيره.
من ناحيته، قال الجنرال بالاحتياط تمير هايمان، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، ونقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، قال: “ما يجب القيام به هو معركة مستمرة وليس حملة منفردة، ومن أجل معركة كهذه، يجب أنْ تكون هناك قدرات استخباراتية ودقيقة جدًا، وهذه القدرات، وإلى مسافات كهذه، تتطلّب تجهيزات متعددة. وبكلمات أُخرى؛ عند الاختيار بين سلاح الجو وسلاح البحر، هناك أفضلية أكبر في هذه المجالات لسلاح البحر، بالإضافة إلى أننا نحتاج إلى قدرات عسكرية تتعامل مع الحوثيين كمنظومة عسكرية؛ أيْ أنّ المطلوب هو مسائل عملياتية تسمح بتغيير جوهري على صعيد الدافع، وأيضًا القدرات لدى الحوثيين: من هم الضباط؟ وكيف تعمل اللوجيستيات؟ وأي قدرات تسمح بتنفيذ إطلاق الصواريخ هذه؟ وكيف يمكن عزل ساحة عمل الحوثيين في اليمن؟ وهل يمكن تهديد ضباطهم وقيادتهم بصورة مباشرة كما أثبتت إسرائيل سابقًا؟”، وفق تعبيره.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: