اختبار تحليل البول.. ثورة في الكشف المبكر عن السرطان

اختبار تحليل البول.. ثورة في الكشف المبكر عن السرطان

كتب – محمد عماد

تواجه بعض الفئات صعوبة كبيرة في التعامل مع الفحوصات الطبية التقليدية، خاصةً تلك التي تعتمد على الإبر، وتُقدّر هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن حوالي شخص واحد من بين كل عشرة يعاني من “رهاب المثقبيات”، وهو الخوف من الإجراءات الطبية المرتبطة بالإبر.

وقد يكون هناك أمل جديد لتخفيف هذه المخاوف، يتمثل في استخدام البول كبديل للكشف عن بعض الأمراض، بما في ذلك السرطان.

وفي التقرير التالي، يوضح موقع “الكونسلتو” حقيقة دور اختبار تحليل البول في الكشف المبكر عن السرطان، وفقًا لـ”Cancer Research UK” مركز أبحاث السرطان البريطاني.

كيف يساعد البول في كشف السرطان؟

يُعد البول نافذة فريدة يمكن من خلالها رؤية ما يحدث داخل جسم الإنسان، ويقول ريتشارد برايان، جراح متخصص في سرطان المثانة بجامعة برمنجهام، إن البول يحتوي على أدلة قيمة حول صحة الجسم، ويوضح برايان: “البول وفير وسهل الوصول، كما أن المرضى لا يمانعون عادة في استخدامه للأبحاث”.

يعتبر سرطان المثانة أحد أوضح الأمثلة على السرطانات التي يمكن اكتشافها عبر البول، حيث تنتقل بعض بقايا السرطان إلى البول من خلال الكلى أو المثانة، وتشمل هذه البقايا بروتينات وجزيئات صغيرة تفرزها الخلايا السرطانية، وأحيانًا خلايا سرطان كاملة أو حمضها النووي.

من جانب آخر، أظهرت دراسات إمكانية اكتشاف فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، المسؤول عن معظم حالات سرطان عنق الرحم، عبر عينات البول.

اقرأ أيضًا.. 6 عوامل قد تحفز الإصابة بسرطان الدم الليمفاوي

اختبارات البول وسرطان المثانة

في الوقت الحالي، يُستخدم تنظير المثانة كوسيلة فعالة للكشف عن سرطان المثانة. تتضمن هذه الطريقة إدخال كاميرا مرنة في مجرى البول لرؤية المثانة مباشرة، لكن هذا الإجراء مكلف، يتطلب طواقم طبية، ويُجرى أحيانًا تحت التخدير.

يقول برايان: “حوالي 20% فقط ممن تظهر لديهم أعراض مثل وجود دم في البول يتم تشخيصهم بسرطان المثانة”، لذا، يعمل فريقه على تطوير اختبار بول جديد يعتمد على البحث عن أجزاء من الحمض النووي لخلايا السرطان في البول، بهدف تضييق نطاق الحالات التي تحتاج إلى تنظير المثانة.

قام فريق برايان بتحليل 800 عينة بول لتطوير اختبار تجريبي يمكنه تحديد التغيرات الجينية الأكثر شيوعًا في سرطان المثانة، والخطوة التالية هي التحقق من فعالية هذا الاختبار عبر تجارب سريرية واسعة النطاق.

نحو كشف مبكر لسرطان البنكرياس

يمثل سرطان البنكرياس تحديًا كبيرًا، حيث إنه غالبًا ما يتم تشخيصه في مراحله المتقدمة بسبب غياب أعراض واضحة في البداية، ولكن هناك تقدم واعد في هذا المجال، حيث اكتشف فريق بقيادة البروفيسورة تاتيانا كرنوجوراك-جورسيفيتش من جامعة كوين ماري بلندن ثلاثة بروتينات رئيسية يمكن من خلالها الكشف عن سرطان البنكرياس عبر البول.

استغرق الفريق 15 عامًا للوصول إلى هذه النتيجة، وهم الآن على وشك البدء بتجارب سريرية للتحقق من فاعلية الاختبار، وتقول كرنوجوراك-جورسيفيتش: “بدأنا بالبحث عن الأدلة في الدم، لكن البول كان خيارًا أفضل لأنه أقل ازدحامًا بالجزيئات”.

تضيف كرنوجوراك-جورسيفيتش أن هذا الاختبار قد يكون مخصصًا للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس، مثل من لديهم تاريخ عائلي أو طفرات جينية معينة.

قد يهمك.. هل الموبايل يسبب سرطان المخ؟- بحث يحسم الجدل

آفاق واعدة لفحوصات البول

رغم أن اختبار البول لن يحل محل جميع الفحوصات الطبية في المستقبل القريب، إلا أن استخدامه قد يُحدث ثورة في طرق الكشف المبكر عن بعض أنواع السرطان، وهذا التطور لا يعني فقط تقليل الاعتماد على الإبر، بل يوفر أيضًا وسيلة أسرع وأقل تكلفة لتحديد المرضى الذين يحتاجون إلى فحوصات أكثر تعمقًا.

تؤكد كرنوجوراك-جورسيفيتش أن العمل على اختبارات البول كان تحديًا كبيرًا في البداية، حيث قوبل بتشكك واسع، لكنها تشعر بالتفاؤل حيال المستقبل: “المثابرة تؤتي ثمارها، ونحن الآن في وضع يسمح لنا بتغيير قواعد اللعبة في الكشف المبكر عن السرطان”.

close