تواجه أهداف السيارات الكهربائية في بريطانيا انتقادات عنيفة، في ظل إضرارها بصناعة السيارات بأكملها، إلى حدّ وصفها بـ”القاتلة”.
وسلّط مقال حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الضوء على تداعيات تفويض المركبات الخالية من الانبعاثات، على صناعة السيارات في بريطانيا.
ويُلزِم التفويض الشركات المصنّعة بالتأكد من أن 22% من السيارات التي تبيعها في بريطانيا على مدار العام الجاري (2024) هي نماذج كهربائية بحتة، ثم ترتفع هذه النسبة كل عام حتى تصل إلى 80% بحلول عام 2035 (أو 70% للشاحنات).
وإذا فشل المصنّعون، فسيُغَرَّمون 15 ألف جنيه إسترليني (19 ألف دولار) عن كل سيارة تعمل بالبنزين أو الديزل يخرقون بها الحدّ.
ورأى المقال أن المشكلة هي أنه قبل أسابيع قليلة من دخول قانون المركبات الخالية من الانبعاثات حيز التنفيذ، تُعدّ السوق غير مستعدة على الإطلاق لمثل هذه الزيادة الحادّة في إمدادات المركبات الكهربائية.
مبيعات السيارات الكهربائية في بريطانيا
أشار كاتب المقال روس كلارك إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية في بريطانيا توقفت عند نحو سدس السوق، ومنذ ذلك الحين، لم تتزحزح هذه المركبات تقريبًا.
ووفقًا لجمعية مصنّعي السيارات وتجّارها، شكّلت السيارات الكهربائية 18.1% من المبيعات بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول؛ على الرغم من أن شركات صناعة السيارات تقدّم خصومات كبيرة على النماذج الكهربائية، فضلًا عن تأجيل مبيعات سيارات البنزين والديزل حتى يناير/كانون الثاني.
ويرفض سائقو السيارات -وخاصةً من القطاع الخاص- التعاون مع أهداف الحكومة؛ لذلك تلوح بعض الغرامات الضخمة في الأفق، وفق المقال الذي نشرته مجلة “ذا سبكتاتور” (The Spectator).
وفي ردّ فعل من الحكومة الحالية -التي لم تكن مسؤولة عن هذا التشريع الأخضر-، التقى وزير الأعمال جوناثان رينولدز بشركة ستيلانتس (Stellantis) وشركات صناعة سيارات أخرى الأسبوع الماضي، ولكن لا توجد أيّ علامة حتى الآن على أيّ تخفيف للأهداف.
من جانبها، تخطط شركة ستيلانتس، الشركة الأم لفوكسهول (Vauxhall)، لإغلاق مصنعها في لوتون، حيث تصنع شاحنة فيفارو؛ ما سيقضي على 1100 وظيفة، على الرغم من أن بعض العمل سيُنقل إلى مصنعها الآخر في إليسمير بورت بالمملكة المتحدة.
وذكر كاتب المقال أن هذا الأمر كان متوقعًا منذ أشهر؛ إذ حذّر الرئيس التنفيذي لشركة ستيلانتس كارلوس تافاريس في وقت سابق من العام الجاري (2024) من أن تفويض المركبات الخالية من الانبعاثات يجعل صناعة السيارات غير قابلة للاستمرار في بريطانيا.
وهدّدت شركة ستيلانتس، في يونيو/حزيران المنصرم، بأنها قد تغلق مصنعيها البريطانيين دون المزيد من حوافز السيارات الكهربائية.
كما حثّت شركة نيسان (Nissan)، التي لديها مصنع سيارات في شمال إنجلترا، الحكومة على تخفيف التفويض، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
تفويض المركبات الخالية من الانبعاثات
أورد كاتب المقال روس كلارك ملحوظتين بشأن تداعيات تفويض المركبات الخالية من الانبعاثات؛ أولاهما أن صناعة السيارات نفسها تتحمل جزءًا من اللوم على مأزقها الحالي.
وعندما جرى التشاور بشأن أهداف المركبات الخالية من الانبعاثات في مارس/آذار 2023، كانت ستيلانتس مؤيدة تمامًا.
وقال نائب الرئيس الأول والمدير الإداري للمجموعة، بول ويلكوكس: “إن ستيلانتس ملتزمة تمامًا بتحقيق مبيعات 100% من السيارات والشاحنات الكهربائية الجديدة في المملكة المتحدة وأوروبا بحلول عام 2030”.
وأضاف: “هذا ينطبق على جميع علاماتنا التجارية، بما في ذلك فوكسهول وبيجو وفيات وستروين، لذلك نحن ندعم تمامًا طموحات حكومة المملكة المتحدة”.
والملحوظة الثانية هي وجود مفارقة كبيرة جدًا؛ إذ حذّر مؤيدو البقاء من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انسحاب شركات تصنيع السيارات من بريطانيا.
وكتب كلارك -في مقاله-: “قد يكون هذا هو ما يحدث في النهاية، ولكن لسبب مختلف تمامًا عمّا كان يمكن أن يتخيله مؤيدو البقاء.. في الواقع، أكثر مما يمكن لأّي شخص أن يتخيله”.
وتابع: “ما لم يتوقعه أحد هو أن بريطانيا المحررة من الرقابة التنظيمية للاتحاد الأوروبي ستختار تقديم أهداف للحياد الكربوني أكثر صرامة من تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي”.
ورأى كلارك أنه لولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لما كان من الممكن أن توجد المركبات الخالية من الانبعاثات؛ إذ ستكون بريطانيا مقيّدة بهدف الاتحاد الأوروبي الأكثر مرونة المتمثل في إنهاء تصنيع السيارات العاملة بالبنزين والديزل بحلول عام 2035.
وزعمَ مؤيدو البقاء أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيتحول إلى جحيم دون تنظيم، ولكن حدث العكس تمامًا: “نحن نخسر جزءًا كبيرًا من صناعة السيارات؛ لأن حكومة المحافظين قررت فرض لوائح أكثر صرامة من جيراننا الأوروبيين”، بحسب المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ضريبة تلبية التفويض في بريطانيا
في سياقٍ متصل، ستؤدي تلبية تفويض مبيعات السيارات الكهربائية في بريطانيا لعام 2024 إلى دفع شركات صناعة السيارات ما يقرب من 6 مليارات جنيه إسترليني (7.52 مليار دولار) في صورة خصومات وتكاليف الامتثال.
*(الجنيه الإسترليني = 1.26 دولارًا أميركيًا).
وحذّر الرئيس التنفيذي لجمعية مصنّعي السيارات وتجّارها (SMMT) مايك هاوز، من أن “الربحية والجدوى في خطر.. والوظائف على المحك”.
وقالت جمعية مصنّعي السيارات وتجّارها إن شركات صناعة السيارات ستقدّم خصومات بقيمة 4 مليارات جنيه إسترليني (5.06 مليار دولار) في العام الجاري (2024)، في جهودها لتلبية التفويض، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وشدّدت الجمعية على أن “الأهداف المفروضة لم تمنح الشركات المصنّعة أيّ خيار سوى دعم المبيعات.. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن الصناعة من المرجّح أن تفشل في تحقيق حصة سوق السيارات الكهربائية -البالغة 22%- المطلوبة”.
ونتيجةً لذلك؛ تواجه شركات صناعة السيارات تكاليف امتثال تبلغ نحو 1.8 مليار جنيه إسترليني (2.28 مليار دولار)، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر، إن حكومة حزب العمال ستطلق مشاورات بشأن تغيير تفويض السيارات الكهربائية في بريطانيا، لكنها ستلتزم بموعد نهائي في عام 2030، للتخلص التدريجي من مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- أزمة تفويض السيارات الكهربائية في بريطانيا من مجلة “ذا سبكتاتور”.
- تداعيات تفويض السيارات الكهربائية في بريطانيا من وكالة رويترز.